للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ما كدت).

قال اليعمري: لفظة كاد من أفعال المقاربة، فإذا قلت: كاد زيد يقومُ، فُهم منه أنه قارب القيامَ، ولم يقم، قال: والراجح فيها أَلَّا تقرن بأن، بخلاف عسى؛ فإن الراجح فيها أن تُقرن.

قال: وقد جاء في "مسلم" في هذا الحديث: حتى كادت الشمسُ أن تغربَ (١).

قال ابن حجر: وفي "البخاري" في باب: غزوة الخندق أيضاً، قال: وهو من تصرف الرواة.

وهل تسوغ الرواية بالمعنى في مثل هذا أولا؟

الظاهر: الجواز؛ كما في "الفتح"؛ لأن المقصود الإخبارُ عن صلاته العصرَ كيف وقعت، لا الإخبارُ عن عمر هل تكلم بالراجح أو المرجوح.

وإذا تقرر أن معنى كاد المقاربة، فقول عمر: ما كدت (أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب).

معناه: أنه صلى العصر قرب غروب الشمس؛ لأن نفي الصلاة يقتضي إثباتها، وإثبات الغروب يقتضي نفيه، فيحصل من ذلك لعمر ثبوتُ الصلاة، ولم يثبت الغروب.

قال الكرماني: لا يلزم من هذا السياق وقوعُ الصلاة في وقت العصر، بل يلزم منه أَلَّا تقع الصلاة فيه؛ لأنه يقتضي أن كيدودته كان عند كيدودتها. قال: وحاصله عرفًا: ما صليت حتى غربت الشمس، انتهى (٢).


(١) وانظر: "شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك" (١/ ٣٢٤).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>