للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "الفتح": ولا يخفى ما بين التقريرين من الفرق -يعني: تقرير اليعمري، وتقرير الكرماني-، ورجح كلام اليعمري من الإثبات والنفي؛ لأن كاد إذا أثبتت، نفت، وإذا نفت، أثبتت، كما قال فيها المعري ملغزًا. [من الطويل]

إِذَا مَا نَفَتْ وَاللهُ أَعْلَمُ أَثْبَتَتْ ... وَإِنْ أَثْبَتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ (١)

وكان عمر - رضي الله عنه - لما وقع الاشتغال بالمشركين إلى قرب غروب الشمس، كان متوضئًا حينئذ، فلما فرغ، بادر، فأوقع الصلاة، ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأعلمه بذلك في الحال التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها وقد شرع يتهيأ للصلاة (٢).

(فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) مجيبًا لعمر: (واللهِ ما صلَّيتها)؛ يعني: العصر.

وقد اختلف في سبب تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ ذلكَ اليومَ، فقيل: كان ذلك نسيانًا. واستُبعد أن يقع ذلك من الجميع.

ويمكن أن يُستدل له بما رواه الإمام أحمد، من حديث أبي جمعة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى المغربَ يوم الأحزاب، فلما سلم، قال: "هل علمَ رجلٌ منكم أَنِّي صليتُ العصر؟ " قالوا: لا يا رسول الله، فصلَّى العصرَ، ثم صلى المغرب (٣).


(١) انظر: "مغني اللبيب" لابن هشام (ص: ٨٦٨)، ووقع عنده قول المعري: [من الطويل]
أَنَحْوِيَّ هَذَا الْعَصْرِ مَا هِيَ لَفْظَةٌ ... جَرَتْ في لِسَانَيْ جُرْهُمٍ وَثَمُودِ
إِذَا اسْتُعْمِلَتْ في صُورَةِ الْجَحْدِ أَثْبَتَتْ ... وَإِنْ أَثْبتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٦٩).
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٠٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>