للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وبهذا يرتفع الإشكال عمن استشكل تسويةَ الصلاة في البيت والسوق (١).

فلا يلزم من حمل الحديث على ظاهره التسويةُ المذكورة، إذ لا يلزم من استوائهما في المفضولية عن المسجد أَلَّا يكون أحدُهما أفضل من الآخر، وكذا لا يلزم منه أن تكون الصلاة في البيت أو السوق جماعةً لا فضل فيها على الصلاة منفردًا، بل الظاهر أن التضعيف المذكور مختصّ بالجماعة في المسجد، والصلاة في البيت مطلقا أولى منها في السوق؛ لما ورد من كون الأسواق موضعَ الشياطين، والصلاة جماعة في البيت وفي السوق أولى من الانفراد (٢).

وقد جاء عن بعض الصحابة قصرُ التضعيف إلى خمس وعشرين على التجميع في المسجد العام، مع تقرير الفضل في غيره، فروى سعيد بن منصور، بإسناد حسن، عن [أوس المعافري] (٣): أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أرأيت من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى في بيته؟ قال: حسن جميل، قال: فإن صلى في مسجد عشيرته، قال: خمس عشرة صلاة، قال: فإن مشى إلى مسجد جماعة فصلى فيه؟ قال: خمس وعشرون (٤).


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٦١ - ١٦٢).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٣٥).
(٣) في الأصل: "أويس المغافري"، والتصويب من "الفتح". وهو أوس بن بشر المعافري، ومعافر: سكة بمصر. قال البخاري في "التاريخ الكبير" (٢/ ١٩): يعد في المصريين، صَحِبَ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وذكره ابن حبان في "الثقات" (٤/ ٤٤)، وانظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٩/ ٤٠٣).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>