للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كانت العشاء والفجر أثقلَ عليهم من غيرهما ولقوة الداعي إلى تركهما، لأن العشاء وقتُ السكون والراحة، والصبح وقتُ لذة النوم.

وقيل: وجهه: كونُ المؤمنين يفوزون بما يترتب عليهما من الفضل؛ لقيامهم بحقوقهما (١).

فالعشاء: وقتُ الإيواء إلى البيوت، والاجتماعُ مع الأهل، واجتماعُ ظلمة الليل، أو طلبُ الراحة من متاعب السعي بالنهار (٢)، بخلاف المؤمن الكامل الإيمان، فهو عالم بزيادة الأجر لزيادة المشقة، فتكون هذه الأمور داعيةً له إلى الفعل، كما كانت صارفة للمنافقين؛ ولهذا قال: (ولو يعلمون ما)؛ أي: الذي (فيهما) من مزيد الثواب والفضل (٣).

(لأتوهما)؛ أي: لأتوا المحل الذي يصليان فيه جماعة، وهو المسجد.

(ولو) كان إتيانهم لهما (حبوًا) (٤) أي: يزحفون إذا منعهم مانعٌ من المشي، كما يزحف الصغير.


(١) المرجع السابق (٢/ ١٤١).
(٢) في "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٦٣)، وعنه نقل الشارح هذا الإيضاح: وأما الصبح: فلأنها وقت لذة النوم، فإن كانت في زمن البرد، فهي وقت شدته؛ لبعد العهد بالشمس؛ لطول الليل، وإن كانت في زمن الحر، فهو وقت البرد والراحة من أثر حر الشمس؛ لبعد العهد بها، فلما قوي الصارف عن الفعل، ثقلت على المنافقين، وأما المؤمن الكامل ... ، إلى آخر كلامه - رحمه الله - الذي نقله الشارح هنا.
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٦٣ - ١٦٤).
(٤) قال الزركشي في "النكت" (ص: ٧٣): فيه حذف كان واسمها، أي: ولو يكون الإتيان حبوًا، وقدَّره السهيلي في "أماليه": ولو أتوا حبوًا، لكانوا أحقاء، فحذف عامل حبوًا، وجواب لو.

<<  <  ج: ص:  >  >>