للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمن لا أمانةَ له" (١)، ونحو ذلك (٢).

والحاصل: أن الأخبار النبوية، والآثار السلفية، دالةٌ دلالةً بينةً على الوجوب على الأعيان، لا يقال: يمكن أن يكون التهديدُ والوعيدُ على ترك فرض الكفاية، إنما نقول: لو كانت فرض كفاية، لكانت قائمةً بالرسول ومَنْ معه (٣).

وإلى القول بوجوبها على الأعيان ذهب عطاء، والأوزاعي، وجماعة من محدِّثي الشافعية، وغيرهم، كأبي ثور، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان.

وبالغ داود ومن تبعه، فجعلها شرطًا لصحة الصلاة (٤).

ولا يخفى توسُّطُ مذهب سيدنا الإمام أحمد - رضي الله عنه - بين طرفي التفريط والإفراط، فإن الأحاديث قاضية بالوجوب، فلم ينظر لعدمه، ولا لمن قال به؛ ممن قال بسنيتها، ولم يتغال إلى كونها شرطًا؛ لأنه لم يأمر مَنْ لم يحضرها بالإعادة.

وهذا الذي تدل عليه الأحاديث والآثار، ويقتضيه النظرُ الصحيح؛ لموافقة الخبر الصريح، والله أعلم.

* * *


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٣٥)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٢٣٣٥)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٨٦٣)، وابن حبان في "صحيحه" (١٩٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٩٧)، وغيرهم، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢٣/ ٢٣٣).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٦٤).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>