للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويؤخذ منه: حكمةُ عدم الاكتفاء برؤيا عبد الله بن زيد، حتى أضيف إليه عمر؛ للتقوية، وليتم نصاب الشهادة.

ومما يكثر السؤالُ عنه بين أهل العلم: هل باشر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذان بنفسه، أولا؟

فقد وقع عند السهيلي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَذَّنَ في سفر، وصلَّى بأصحابه وهم على رواحلهم، السماءُ من فوقهم، والبِلَّةُ من أسفلهم، أخرجه الترمذي، من حديث أبي هريرة (١).

وليس هو من حديث أبي هريرة، ولكنه من حديث يعلى بن مرة (٢).

وكذا جزم النووي بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن مرة للسفر، وعزاه للترمذي، وقوَّاه (٣).

قال في "الفتح": لكن وجدنا في "مسند الإمام أحمد" من الوجه الذي أخرجه الترمذي، ولفظه: فأمر بلالًا فأذن (٤)، فعرف أن في رواية الترمذي اختصارًا، وأن قوله: أذن: أمر بلالًا به، كما يقال: أعطى الخليفة العالم الفلاني ألفًا، وإنما باشر العطاء غيره، ونسب للخليفة؛ لأنه الآمر (٥).

فعُلم من هذا السياق، وأمر الشارع لسيدنا بلال - رضي الله عنه - في عدة أحاديث: أن الأذان والإقامة فرضُ كفاية للصلوات الخمس المؤدَّاة،


(١) المرجع السابق، (٢/ ٣٦٠).
(٢) رواه الترمذي (٤١١)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر، وقال: غريب.
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٧٩).
(٤) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٧٣)، وعنده: "فأمر المؤذن فأذن".
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>