للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث عبد الله بن زيد أصلُ الأذان، وليس فيه ترجيعٌ، فدل على أنه المستحب، وعليه عمل أهل المدينة، والأخذ بالمتأخر من حال النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى.

واحتجوا للترجيع، بما رواه الإمام أحمد، من أذان أبي محذورة، واسمه: سَمُرَةُ بنُ مِعْيَر -بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح الياء فراء مهملة آخر الحروف، بوزن مِقْسم-، عن عبد الله بن مُحَيريز، وكان يتيمًا في حَجر أبي محذورة، قال: قلت لأبي محذورة: أخبرني عن تأذينك؟ قال: نعم، خرجت في نفر، فكنتُ في بعض طريق حُنين، مَقْفَلَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الطرق، فأذن مؤذنُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة، فسمعنا صوت المؤذن، فصرخنا نَحْكيه، ونستهزىء به، فسمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصوت، فأرسل إلينا، إلى أن وقفنا بين يديه، فقال: "أيكم الذي سمعتُ صوتَه قد ارتفَع؟ "، فأشار القومُ كلهم إليَّ، وصَدَقوا، فأرسلهم كلَّهم، وحبسني، فقال: قمْ فأَذِّنْ بالصلاة، فقمتُ ولا شيءَ أكرهُ إليَّ من النبي وما يأمرني به، فقمتُ بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فألقى على رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين هو بنفسه: الله أكبر، الله أكبر، قال روح: مرتين، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال لي: "ارجع فامدُدْ من صوتك"، ثم قال لي: "قل: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله " ... إلخ.

ثم دعاني حين قضيتُ التأذين، فأعطاني صرة فيها شيءٌ - صلى الله عليه وسلم - من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أَمَرَّها على وجهه، ثم بين ثدييه، ثم على كبده، وقال: "باركَ اللهُ فيكَ، وباركَ عليكَ"، فقلت: يا رسول الله!

<<  <  ج: ص:  >  >>