للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ١٤٢]، فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ هو عباد بنُ بشر بن قيظي، كما رواه ابن مندَهْ، ذكره في "الفتح" (١)، ثم بعدما صلى، مرَّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحوَ بيت المقدس، فقال: هو يشهدُ أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه توجَّهَ نحو الكعبة، فتحرَّفَ القوم، حتى توجَّهوا نحو الكعبة (٢).

وأخرج الطبري، وغيره، من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس- رضي الله عنهما -: لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، واليهودُ أكثرُ أهلها يستقبلون بيت المقدس، أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها سبعةَ عشرَ شهرًا، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء، فنزلت (٣).

قال مجاهد: إنما كان يحب أن يتحول إلى الكعبة؛ لأن اليهود قالوا: يخالفنا محمد، ويتبع قبلتنا! فنزلت (٤).

فظاهر حديث ابن عباس هذا: أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة، ولكن أخرج الإمام أحمد، من وجه آخر، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بمكة نحو بيت المقدس (٥).


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٩٧).
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٢٠).
(٣) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٠٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٢)
(٤) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٢٠).
(٥) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٢٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١١٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>