للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو على راحلته يُسَبِّحُ، يومىء برأسه قِبَلَ أَيِّ وجهٍ توجَّهَ، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة (١).

ففي مجموع هذه الأخبار الصحيحة إيماءٌ إلى أن الصلاة المكتوبة لا تؤدَّى على الراحلة، وهو كذلك، لا يقال: لا دلالة في ذلك؛ لأنه إنما فيه ترك الفعل، وليس الترك بدليل على الامتناع؛ لأنا نقول: لا ريب أن وقت الفرائض مما يكثر على المسافرين، فتركُ الصلاة على الراحلة دائمًا مع فعل النوافل عليها يُشعر بالفرق بينهما، مع ما يؤيد كونَ المكتوبة قليلةً محصورة، لا يؤدي النزول لها إلى نقصان المطلوب.

بخلاف النوافل؛ فإنها لا حصر لها، فيؤدي النزولُ لها إلى ترك المطلوب من تكثيرها، مع اشتغال المسافر (٢).

فائدة:

لو ركب المسافرُ النازل في حال تنفُّله غير السائر، بطلت صلاته، سواء كان يتنفل قائمًا، أو قاعدًا؛ لأن حالته حالة إقامة، فيكون ركوبه فيها بمنزلة العمل الكثير من المقيم، لا صلاة الماشي بركوبه فيها، فيتمها؛ لأنه انتقل من حالة مختلَف في صحة التنفل فيها، وهي المشي، إلى حالة متفقٍ على صحة التنفل فيها، وهي الركوب، مع أن كلًا منهما حالة سير، وإن نزل الراكب في أثنائها، نزل مستقبلَ القبلة، وأتمَّها، نصًا؛ لكونه انتقل إلى حالة


(١) رواه البخاري (١٠٤٦)، كتاب: تقصير الصلاة، باب: ينزل للمكتوبة، ومسلم (٧٠١)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت.
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>