للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبدى في "الفتح" احتمال إرادة المخالفة بالجزاء، فيجازي المستوي بِخير، ومن لا يستوي بِشَرّ (١).

(و) في رواية (لمسلم) دون البخاري، عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوي)؛ أي: يُعَدِّل (صفوفنا) معشرَ أصحابه (حتى) كان - صلى الله عليه وسلم - (كأنما يسوِّي)؛ أي: يعدِّل (بها)؛ أي: بتلك التسوية (القداح)، جمع قِدْح -بالكسر-: السهم حين يُبْرَى ويُنحَت ويُهَيَّأُ للرمي، وهو مِمَّا يُطلب فيه التحريُر والاستقامة، وإلا كان طائشًا، فلا يُصيب الغوضَ عند رميه، فضُرب به المثل؛ لتحرير التسوية (٢).

وفيه دليل: على أن تسوية الصفوف من وظيفة الإمام، وبه صرح علماؤنا كغيرهم.

قال في "الفروع": ثم يسوِّي الإمامُ الصفوف بالمناكبِ والأَكعُبِ، ويكمل الأول، فأول، ويتراصون (٣).

وفي "شرح الوجيز": يُسن للإمام أن يسوِّيَ صفَّه، يلتفتُ عن يمينه، فيقول: استووا رحمكم الله، وعن يساره كذلك (٤).

وفي "سنن أبي داود"، عن محمد بن مسلم، قال: صليت إلى جنب أنس بن مالك - رضي الله عنه - يومًا، فقال: هل تدري لم صُنع هذا العود؟ قال: لا والله، فقال: لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصلاة، أخذه


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٢٠٧).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٩٧)، و"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (٢/ ٥٢٠).
(٣) انظر: "الفروع" لابن مفلح (١/ ٣٥٧).
(٤) وانظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٢٧٥)، و"كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>