للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: دليل على ماكان عليه ابن عباس من حرصه على ضبط شؤونه وتهجداته - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (فقام النبي يصلي من الليل)؛ لأن قيام الليل كان واجباً عليه - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩]، والمقام المحمود أعلى درجاته - صلى الله عليه وسلم -، كما في "اختيار الأولى" للحافظ ابن رجب (١).

وقد دل على الترغيب في قيام الليل قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: ١٥ - ١٩]، فوصفهم بالتيقظ بالليل، والاستغفار بالأسحار، وبالإنفاق من أموالهم.

وذكر الحافظ ابن رجب في "شرح حديث اختصام الملأ الأعلى" قال: كان بعض السلف نائماً، فأتاه آت في منامه، فقال له: قم فصل، أما علمت أن مفاتيح الجنة مع أصحاب الليل، هم خُزَّانها، هم خزانها؟ (٢).

قال ابن عباس: (فقمت) يعني: بعد الطهارة (عن يساره) - صلى الله عليه وسلم -، (فأخذ) - عليه الصلاة والسلام - (برأسي) يعني: بيده الشريفة، (فأقامني عن يمينه).

وهذا محل الدليل من الحديث، وهو أنه لا تصح الصلاة عن يسار الإمام مع خلو يمينه.


(١) انظر: "اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى" لابن رجب (ص: ٦٥).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل" (ص: ٤٩٩ - ٥٠٠)، عن أبي هريرة. وانظر: "اختيار الأولى" لابن رجب (ص: ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>