للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢٨٠٥ - حدثنا محمد بن زياد بن معروف الرازي أبو بكر، ويعقوب بن إسحاق القلوسي، وعثمان بن خرزاذ، وابن أبي الحنين، قالوا: حدثنا عبد الله بن عمرو بن الجراح (١) [*] أبو معمر المنقري، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا الحصين بن ذكوان المعلم، حدثنا عبد الله بن بريدة، حدثني عامر بن شراحيل الشعبي - شعب همدان - أنه سأل فاطمة بنت قيس - أخت الضحاك بن قيس - وكانت من المهاجرات الأول، قال: حدثينى حديثا سمعتيه من رسول الله ، أو لا تسنديه إلى أحد غيره، فقالت: إن شئت لأفعلن، قال لها: أجل، حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله ، قالت: نكحت حفص بن المغيرة (٢)، وهو من خيار شباب قريش يومئذ، فأصيب فى أول الجهاد مع رسول الله ، فلما أن تأيمت (٣) خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب محمد ، وخطبنى رسول الله على مولاه أسامة بن زيد، وكنت قد حُدِّثت، أنَّ رسول الله ، قال: "من أحبني فليحب أسامة"،

⦗٢١٦⦘

فلما كلمني رسول الله قلت: أمري بيدك، فأنكحني من شئت، قال: "انتقلي إلى أم شريك" (٤)، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار، عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان، فقلت: سأفعل، فقال: "لا تفعلى، إنَّ أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، وإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منكِ بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم" - وهو رجل من بني فهر - فهر قريش، وهو من البطن الذي هي منه، فانتقلت إليه، فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي، منادي رسول الله ، ينادي: الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد، فصليت مع رسول الله ، فكنت في صف النساء الذي يلي ظهور القوم، فلما قضى رسول الله صلاته، جلس على المنبر، وهو يضحك، فقال: "ليلزم كل إنسان مصلاه"، قال ثم قال: "هل تدرون لم جمعتكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "إي والله! ما جمعتكم لرهبة ولا لرغبة، ولكن جمعتكم، لأنّ تميمًا (٥) الداري كان رجلا نصرانيا، فجاء، فبايع وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم

⦗٢١٧⦘

عن مسيح الدجال، حدثني أنَّه ركب فى سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلا من لخم (٦) وجذام (٧)، فلعب بهم الموج شهرا فى البحر، ثم أرفئوا (٨) إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس، فجلس في أقرب (٩) السفينة، فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب - كثير الشعر (١٠) -، لا يدرون ما قُبُله من دبره، من كثرة الشعر، قالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة (١١)، قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها الناس انطلقوا إلى هذا الرجل فى الدير (١٢)، فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال: في سمت لنا رجلا؛ فرقنا، أن تكون شيطانة، قال: فانطلقنا سراعا، حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط

⦗٢١٨⦘

خلقا، وأشده وثاقا (١٣)، مجموعة يديه إلى عنقه، ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا: ويلك من أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبرونى ما أنتم؟ قالوا: نحن ناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية، فصادفنا البحر حين اغتلم (١٤)، فلعب بنا الموج شهرا، ثم أرفينا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا إلى قربها، فدخلنا الجزيرة، فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر، ما ندرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قال: قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالآشواق، فأقبلنا إليك سراعا، وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة، فقال: أخبروني عن نخل بيسان (١٥)، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها، هل تثمر؟ قلنا له: نعم، قال: أما إنها توشك أن لا تثمر، قال: أخبرونى عن بحيرة الطبرية، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قلنا

⦗٢١٩⦘

نعم، هي كثيرة الماء، قال: أخبرونى عن عين زغر (١٦)، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فى العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا: نعم، هى كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها، قال: أخبروني عن النبي الآمي ما فعل؟ قلنا: قد خرج من مكة ونزل يثرب، قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنَّه ظهر على من يليه من العرب، وأطاعوه، قال لهم؟ أقد كان ذلك؟ قلنا: نعم، قال: أما إنَّ ذاك خير لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني، إنى أنا المسيح، وإنه يوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير فى الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها فى أربعين ليلة غير مكة وطيبة، هما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلنى ملَك بيده السيف صلتا (١٧)، يصدني عنها، وإن كان على نقب (١٨) منها ملائكة يحرسونها، فقال رسول الله ، وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه

⦗٢٢٠⦘

طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة" -يعني المدينة- "ألا هل كنت حدثتكم بذلك؟ " فقال الناس: نعم، "فإنه أعجبني حديث تميم، أنَّه وافق الذي كنت حدثتكم به، وعن المدينة ومكة، ألا إنَّه في نحو الشام، أو نحو اليمن (١٩)، لا، بل من قبل المشرق ما هو (٢٠) " وأومأ بيده قبل المشرق، قالت: قد حفظت هذا من رسول الله .

قال أبو معمر (٢١): سألت عبد الوارث، عن عين زغر، ونخل بيسان أين هما؟ فقال: هذا كله من قبل الشام، وسألته عن الأهلب ما هو؟ فقال: هو كثير الشعر. وسألته عن قوله: "فركبنا في أقربها" ما أقربُها؟ قال: هو القارب: قارِب السفينة، وسألته عن قوله: "مما هو من قبل المشرق" قلت له: فلعل هو مثل قول عبد الله بن عمرو في حديث الأعماق (٢٢)، ما أنا نسيتها.

⦗٢٢١⦘

وإنما يريد أنا نسيتها، وقوله "ما هو من قبل المشرق" وإنما هو يريد من قبل المشرق؟ فقال: لا أدري.

قال بعضهم: أبو معمر (٢٣) المقعد، وقال بعضهم: التنوري صاحب عبد الوارث (٢٤).


(١) كذا جاء نسبته في "الأصل": "بن الجراح" ولم ترد في الإتحاف (١٨/ ٣٩)، والذي جاء ترجمته فى تاريخ بغداد (١٠/ ٢٤٠)، وتهذيب الكمال (١٥/ ٣٥٣) بن ابي الحجاج: اسمه ميسرة.
(٢) وقيل: هو أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن مخزوم القرشي، أبو حفص بن عمرو، اختلف في اسمه، فقيل: أحمد، وقيل: اسمه كنيته. كان قد خرج مع علي إلى اليمن في عهد رسول الله فمات هناك، وقيل: بل رجع حتى شهد فتوح الشام. انظر: الإصابة (٢/ ٩٨، ٧/ ٢٨٧).
(٣) أي غير ذات زوج. (انظر: تكملة فتح الملهم (٦/ ٣١٨).
(٤) قيل هي بنت أنس بن رافع بن أمرئ القيس بن زيد بن الأنصارية، وقيل هى بنت خالد بن خنيس ابن الخزرج بن ساعدة. انظر: (الإصابة ٨/ ٢٣٦).
(٥) هو تميم بن أوس أبو رقية الداري كان راهب فلسطين أسلم سنة تسع سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان قيل مات سنة أربعين. انظر: الإصابة (١/ ٢٦٧)، التقريب (صـ ١٣).
(٦) بفتح اللام وسكون الخاء وهي قبيلة معروفة. انظر: تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٠).
(٧) بضم الجيم وهي قبيلة معروفة. انظر: تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٠).
(٨) المرفأ: هو البناء الذي توقف عليه السقف. انظر: تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٠).
(٩) جمع قارب وهي سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة كالجنبية، وقيل أقرب السفينة أخرياتها وما قرب منها للنزول. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (٨١/ ١٠٧)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٠).
(١٠) هذا التفسير لقوله: "أهلب". انظر: تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢١).
(١١) بفتح الجيم وتشديد السين اسم لدابة، قيل: أنها دابة الأرض، سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال. انظر: النهاية (١/ ٢٧٢)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢١).
(١٢) أصل الدير: صومعة رهبان النصارى، والمراد به هنا: القصر. انظر: تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢١)، مختار الصحاح (صـ ٣١٥).
(١٣) أي مقيدا بالسلاسل تقييدًا شديدًا. انظر: النهاية (٥/ ١٥١)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢١).
(١٤) أي هاج وجاوز حده المعتاد. (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ١٠٨).
(١٥) بفتح الباء الموحدة وسكون الياء - مدينة بالأردن بين حوران وفلسطين، وقد هدمها اليهود وأقاموا مكانها مستعمرة سنة ١٩٤٩ م باسم بيت شعن أو بيت شأن -.
قال الحموي: توصف بكثرة النخل، وقد رأيتها مرارًا فلم أر فيها غير نخلتين حائلتين وهو من علامات خروج الدجال، وهناك موضع آخر اسمه بيسان وهو باليمامة، والله أعلم. انظر: مراصد الاطلاع (١/ ٢٤١)، المعالم الأثيرة (صـ ٦٨)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٢).
(١٦) هي بلدة بالشام بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيام، وهي من ناحية الحجاز، قيل: سميت بذلك لأن بنت لوط "زعر" نزلت بها فسميت باسمها، وقيل: أنها تقع الآن في غور الصافي على شاطئ البحر الميت الجنوبي الشرقي بالقرب من مصب وادي الحسا، المعروف الآن باسم "الشيخ عيسى" ولم يلحق أهلها خراب أو تدمير لأنهم لم يكونوا يعملون الفاحشة. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ١٠٨)، مراصد الاطلاع (٢/ ٦٦٧)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٢)، المعالم الأثير (صـ ١٣٥).
(١٧) أي مجردًا من الغمد. انظر: النهاية (٣/ ٤٥)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٣).
(١٨) وهو الطريق بين الجبلين. انظر: النهاية (٥/ ١٠٢).
(١٩) كذا في الأصل، وجاء في صحيح مسلم "بحر الشام أو بحر اليمن".
(٢٠) لفظة (ما) زائدة صلة الكلام وليست بنافية، والمراد إثبات أنه في جهة المشرق. انظر: تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٢٤).
(٢١) هو عبد الله بن عمرو المقعد، - وهو الراوي عن عبد الوارث بن سعيد لهذا الحديث.
(٢٢) لم يتبين لي هذا، وحديث الأعماق: جاء من حديث أبي هريرة (في صحيح مسلم الفتن ٣٤) مرفوعًا: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق … ".
قال الإمام النووي : الأعماق ودابق موضعان بالشام بقرب حلب. أ. هـ.
انظر: شرح صحيح مسلم (١٨/ ٢٩)، مراصد الاطلاع (١/ ٩٦).
وأما حديث عبد الله بن عمرو فهو في الآيات، وقد تقدم قريبًا برقم (١٢٨٠٤)، فأخشى =

⦗٢٢١⦘
= أن يكون قوله: (الأعماق) فيها تصحيف صوابه "الآيات" والله أعلم.
(٢٣) هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج التميمي أبو معمر المقعد المنقري، قال ابن معين: أبو معمر صاحب عبد الوارث.
انظر: تاريخ بغداد (١٠/ ٢٥)، تهذيب الكمال (١٥/ ٣٥٣)، التقريب (ص ٣١٥).
(٢٤) لعل العبارة: صاحب عبد الوارث التنوري: لأن (التنوري) لقب لعبد الوارث بن سعيد، كما في ترجمة عبد الوارث في (تهذيب الكمال ١٨/ ٤٧٨)، الميزان (٣/ ٣٩١).
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (الفتن: باب قصة الجساسة ٤/ ٢٢٦١ رقم ١١٩) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه (عبد الوارث بن سعيد) به.
فائدة الاستخراج: رواية أبي معمر المنقري عن عبد الوارث وهو من الثقات الأتبات. انظر: التقريب (صـ ٣١٥). وهو صاحب عبد الوارث واختص به، -وكذلك ما جاء من سؤاله لعبد الوارث في آخر الحديث من تفسير الغريب- وليس هذا في رواية مسلم.