يستدل شيخ الإسلام على إبطال هذا الأصل بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح المتفق على صحته:"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب".
حيث يقول رحمه الله:"ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "ألا وإن في الجسد مضغة. . ". . فإذا كان القلب صالحًا بما فيه من الإيمان علمًا وعملاً قلبيًا، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق. . والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد"(١).
وهذا الذي يعصي الله دومًا، ولم يطعه أبدًا، يستحيل أن يكون إيمانه كإيمان النبيين والصديقين، فإن القلب إذا كان فاسدًا، فاقدًا للإيمان، أو ذا إيمان ضعيف جدًا، امتنع أن يطيع صاحبه الله عزّ وجلّ، بل وانبرى يرتكب كل حرام.
وهذه الأصول متفق عليها بين الجهمية والأشاعرة والماتريدية ومرجئة الفقهاء كما سبق.
وهناك أصول اختصت بها الجهمية والأشاعرة والماتريدية، دون غيرهم -كما يفهم من كلام المصنف- ومن هذه الأصول:
الأصل الأول: أنهم قالوا: إن كل من حكم الشرع بأنه كافر مخلد في النار، فذلك لأن قلبه فاقد للتصديق والعلم.
وفي ذلك يقول رحمه الله أنهم: "جعلوا ما علم أن صاحبه كافر -مثل إبليس وفرعون واليهود وأبي طالب وغيرهم- إنه إنما كان كافرًا، لأن ذلك مستلزم لعدم تصديقه في الباطن، وهذا مكابرة للعقل والحس، وكذلك