للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قام بالقلب الصديق به (أي بالله) والمحبة له لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة، والأعمال الظاهرة، فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه، ودليله ومعلوله، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضًا تأثير فيما في القلب.

فكل منهما يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل، والبدن هو فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه كما في الشجرة التي يضرب بها المثل لكلمة الإيمان. . " (١).

فما دام أن هناك في القلب حبًا تامًا مقترنًا بقدرة، فلابد أن يكون هناك عمل بالضرورة، أما إن فقد العمل، فلا يخلو ذلك من سببين: إما أن القدرة مفقودة غير حاصلة، وإما أن يكون الحب ليس تامًا، ولا صحيحًا، بل ليس حبًا في الحقيقة.

فمن آمن بالله وأحبه فلابد أن يطيعه حتمًا ما دام قادرًا، كما قال الشاعر:

تعصي الإله وأنت تظهر حبه. . . هذا محال في القياس بديع

لو كان حبك صادقًا لأطعته. . . إن المحب لمن يحب مطيع (٢)

كما أن هناك علاقة وثيقة بين أصل الإيمان وفرعه، بين إيمان القلب وإيمان الجوارح، فإذا ثبت الإيمان في القلب، أثمر الأعمال بحسبه ولابد.

غير أننا ننبه إلى أمر ذي بال، قد نبه عليه المصنف رحمه الله تعالى، وهو أننا حين نقول: إن الأعمال ثمرات الإيمان فإننا نقصد بالطبع أنها لوازم للإيمان الباطن، متى وجد الإيمان الباطن وجدت، كما هو مذهب السلف وأهل السنة.


(١) شرح حديث جبريل (٤٢٧).
(٢) هذه الأبيات منسوبة إلى الإمام الشافعي - رضي الله عنه - وأرضاه، وهي في الديوان الصغير الذي جمعه محمد عفيف الزعبي (٥٨).

<<  <   >  >>