للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظاهرة، كما أن القصد التام مع القدرة يستلزم وجود المراد، وأنه يمتنع مقام الإيمان الواجب في القلب من غير ظهور موجب ذلك ومقتضاه" (١).

ويقول أيضًا في نص آخر: "وإذا نقصت الأعمال الظاهرة كان ذلك لنقص ما في القلب من الإيمان، فلا يتصور مع كمال الإيمان الواجب الذي في القلب، أن تعدم الأعمال الظاهرة الواجبة، بل يلزم من وجود هذا كاملًا وجود هذا كاملًا، كما يلزم من نقص هذا نقص هذا، إذ تقدير إيمان تام في القلب بلا ظاهر من قول وعمل، كتقدير موجب تام بلا موجبه، وعلة بلا معلولها، وهذا ممتنع" (٢).

وكل هذه النصوص التي نقلت عن المصنف رحمه الله تعالى، توضح أن الإيمان قول وعمل، كالبدن والروح، لا بدن إلا بروح، ولا روح إلا ببدن، فكذلك لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بإيمان (٣).

ومن المحال أن يوجد شخص في قلبه إيمان كامل -كما تقوله المرجئة- ويعيش الدهر كله عاصيًا لله، لا يقوم بطاعة أبدًا.

ولذلك أنكر السلف رضوان الله عليهم مقالة الإرجاء، واعتبروها من أخطر المقالات.

ويقول المصنف بعد كل المناقشات والردود على المخالفين في حقيقة الإيمان: "وهذه الأمور كلها إذا تدبرها المؤمن بعقله، تبين له أن مذهب السلف هو المذهب الحق، الذي لا عدول عنه، وأن من خالفهم لزمه فساد معلوم، بصريح المعقول، وصحيح المنقول، كسائر ما يلزم الأقوال المخالفة لأقوال السلف والأئمة" (٤).

والخلاصة: أن تارك جنس العمل ليس مؤمنًا، بل هو كافر بالله باطنًا وظاهرًا، حتى لو أجريت عليه أحكام المسلمين الظاهرة، كما أجريت على المنافقين.


(١) المصدر السابق (٤٨١).
(٢) المصدر نفسه (٤٩٢).
(٣) مجموع الفتاوى (١٣/ ٢٦٨).
(٤) شرح حديث جبريل (٤٩٦).

<<  <   >  >>