للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول: "ومن قال بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيء من الواجبات، سراء جعل تلك الواجبات لازمًا له، أو جزءًا منه، فهذا نزاع لفظي، كان مخطئًا خطأ بينًا، وهذه بدعة الإرجاء التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها، وقالوا فيها من المقالات الغليظة ما هو معروف" (١).

ويقول أيضًا: "فإذا عرف أن الذم والعقاب واقع في ترك العمل، كان بعد ذلك نزاعهم لا فائدة فيه، بل يكون نزاعًا لفظيًا، مع أنهم مخطئون في اللفظ، مخالفون للكتاب والله. . " (٢).

ويقول: "ولهذا كان أصحاب أبي حنيفة يكفرون أنواعًا ممن يقول كذا وكذا، لما فيه من الاستخفاف، ويجعلونه مرتدًا ببعض هذه الأنواع، مع النزاع اللفظي الذي بين أصحابه وبين الجمهور في العمل: هل هو داخل في اسم الإيمان، أم لا؟ " (٣).

ويقول: "وهذا التصديق له لوازم صارت لوازمه داخلة في مسماه عبد الإطلاق، فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم، ويبقى النزاع لفظيًا: هل الإيمان دال على العمل بالتضمن أو اللزوم؟ .

ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنّة في هذه المسألة هو نزاع لفظي، وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول، من الفقهاء كحماد بن أبي سليمان، وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم، متفقون مع جميع علماء السنّة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا: إن إيمانهم كامل إيمان جبريل، فهم يقولون: إن الإيمان بدون العمل المفروض، ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقًا للذم والعقاب، كما تقوله الجماعة، ويقولون أيضًا: بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة" (٤).


(١) المصدر السابق (٥٧٧).
(٢) الإيمان (١٤٥).
(٣) المصدر السابق (١٧٣).
(٤) المصدر السابق (٢٣٣).

<<  <   >  >>