للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال: "بعث علي بن أبي طالب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن [بذهيبة] (١) في أدم مقروض (٢) لم تحصل من ترابها (٣) فقال: فقسمها بين أربعة نفر، فقال رجل من أصحابه: كنا أحق بهذا من هؤلاء، قال: فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء" قال: فقام رجل غائر العينين (٤)، مشرف الوجنتين (٥)، ناشز الجبهة (٦)، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال: يا رسول الله اتق الله! ! ! فقال: "ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟ " قال: ثم ولى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه، فقال: (لا لعله أن يكون يصلي) قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" قال: ثم نظر وهو مقف فقال: "إنه يخرج من ضئضيء (٧) هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" قال أظنه قال:


(١) في النسخة الأصلية: بذهيبته، والصحيح ما أثبتناه، وقد جاء في بعض الروايات: بذهبة ولكن غالبها جاءت كما ذكرناه في المتن، والذهيبة كما قال الحافظ في الفتح (٨/ ٦٨): "تصغير ذهبة، وكأنه أنثها على معنى الطائفة أو الجملة، وقال الخطابي: على معنى القطعة، وفيه نظر، لأنها كانت تبراً، وقد يؤنث الذهب في بعض اللغات. . ".
(٢) أدم وأديم كما جاء في بعض الروايات هو الجلد، ومقروض أي مدبوغ بالقرظ وهو نبات معروف. فتح الباري لابن حجر (٨/ ٦٨).
(٣) أي: لم تخلص من تراب المعدن فكأنها كانت تبراً وتخليصها بالسبك. فتح الباري لابن حجر (٨/ ٦٨).
(٤) أي: أن عينيه داخلتان في محاجرهما لاصقتين بقعر الحدقة وهو ضد الجحوظ. فتح الباري لابن حجر (٨/ ٦٨).
(٥) مشرف الوجنتين أي: بارز الوجنتين، والوجنتان هما العظمان المشرفان على الخدين. فتح الباري لابن حجر (٨/ ٨٦).
(٦) ناشز الجبهة أي مرتفعها. فتح الباري لابن حجر (٨/ ٦٨).
(٧) الضئضيء هو العقب كما جاء ذلك في بعض روايات الحديث عند البخاري برقم (٣٣٤٤).

<<  <   >  >>