للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنيابه في أصل الشجرة العظيمة، فتجتثها، عيناه توقدان نارا، وقد عاد المحجن عرفًا فيه شعر مثل النيازك، وعاد الشعبتان فما مثل القليب الواسع، وفيه أضراس وأنياب لهما صريف، فلما عاين ذلك موسى {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} فذهب حتى أمعن، فرأى أنه قد أعجز الحية، ثم ذكر ربه، فوقف استحياء منه، ثم نودي: يا موسى إليَّ ارجع حيث كنت، فرجع وهو شديد الخوف، فقال: خذها بيمينك {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: ٢١] وعلى موسى حينئذ مدرعة من صوف، قد خلها بخلال من عيدان، فلما أمره بأخذها، ثنى طرف المدرعة على يده، فقال له ملك: أورأيت يا موسى لو أذن لنا اللَّه عز وجل لما تحاذر، أكانت المدرعة تغنى عنك شيئا؟ قال: لا، ولكني ضعيف، ومن ضَعْفٍ خُلِقْتُ. فكشف عن يده، ثم وضعها فِي فِيّ الحية، حتى سمع حس الأضراس والأنياب، ثم قبض، فإذا هي عصاه التي عهدها، وإذا يده في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ بين الشعبتين، فقال له اللَّه عز وجل: ادن. فلم يزل يدنيه، حتى أسند ظهره بجذع الشجرة، فاستقر، وذهب عنه الرعدة، وجمع يديه في العصا، وخضع برأسه وعنقه، ثم قال له: إني قد أقمتك اليوم مقامًا لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك؛ أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي، وكنت بأقرب الأمكنة مني، فانطلق برسالتي، فإنك بعيني وسمعي، وإن معك يدي ونصري، وإني قد ألبستك جُنَّة من سلطاني، تستكمل بها القوة في أمري، فأنت جند عظيم من جنودي، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي، بطر نعمتي، وأمن مكري، وغرته الدنيا عني، حتى جحد حقي، وأنكر ربوبيتي، وعبد دوني، وزعم أنه لا يعرفني، وإني أقسم بعزتي، لولا العذر والحجة

<<  <  ج: ص:  >  >>