للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أفعل بأوليائي، وقديما ما خِرْتُ لهم في ذلك، فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مراتع الهلكة، وإني لأجنبهم سلوتها وعيشها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة، وما ذلك لهوانهم عليَّ؛ ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفورا، لم تَكْلِمْه الدنيا، ولم يطفه الهوى، واعلم أنه لم يتزين لي العباد بزينة هي أبلغ من الزهد في الدنيا؛ فإنها زينة المتقين عليهم منها لباس، يعرفون به من السكينة والخشوع {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩] أولئك أوليائي حقًّا، فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك، وذلل لهم قلبك ولسانك، واعلم أنه من أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني، وعرض بنفسه ودعاني إليها، فأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، أيظن الذي يحاربني أن يقوم لي؟ ! أو يظن الذي يغازيني أن يعجزني؟ أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني؟ وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة؛ لا أَكِل نصرتهم إلى غيري؟ ! قال: فأقبل موسى عليه السلام إلى فرعون في مدينة قد جعل حولها الأسد في غيضة قد غرسها، فالأسد فيها مع سياسها، إذا أشلتها (١) على أحدٍ أكلته، وللمدينة أربعة أبواب في الغيضة، فأقبل موسى عليه السلام من الطريق الأعظم الذي يراه فرعون، فلما رأته الأُسد صاحت صياح الثعالب فأنكر ذلك الساسة، وفرقوا من فرعون، وأقبل موسى حتى انتهى إلى الباب الذي فيه فرعون، فقرعه بعصاه، وعليه جبة صوف وسراويل، فلما رآه البواب، عجب من جرأته، فتركه، ولم يأذن له، وقال: هل تدري باب


(١) أي: أطلقتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>