مسجده وعليه برنس، فجاء فجلس إليه، فقال له معقل: أتيتك من عند هؤلاء، وإنهم حدثوني عنك حديثًا -قال: حسبت أنه قال: فأفزعني- فقال عامر: وما حدثوك؟ قال: يزعمون أنك تفعل كذا وتفعل كذا؛ للذي ذكروا. قال: فما كلمه عامر بكلمة حتى أخرج يده من برنسه، فقبض على يده ثم قال: أما قولهم: لا يأكل اللحم؛ فإنهم يشترون العلج من السبي الذي لا يفقه الإِسلام فيذبح، وأنا إذا اشتهيت اللحم أرسلنا إلى شاة فذبحناها، وأما قولهم: لا يأكل السمن فإنى آكل السمن الذي يجيء من أرض العرب، وأما الذي يجيء من أرض العجم؛ فإني لا أدري ما يخالطه، فذلك الذي يحملني على تركه، وأما قولهم: لا يقرب النساء فواللَّه ما بي إليهن من نشاط، وما عندي مال، فبأي شيء أغر امرأة مسلمة ما أجيء بها إليّ، وأما قولهم: لا يقرب المساجد، فإني في مسجدي هذا فإذا كان يوم الجمعة ذهبت فصليت في جماعة المسلمين، ثم رجعت إليّ مسجدي هذا، وقولهم: يزعم أنه خير من إبراهيم؛ فإني لا أشعر أن أحدًا يتجرأ أن يقول هذا.
"الزهد" ص ٢٧٠ - ٢٧١
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال الصباح بن أبي عبيدة العنبري: حدثني شيخ منا قال: صحبتُ عامر بن عبد قيس في سفر، فلما عرس القوم قام فأصلح من متاعه ثم دخل غيضة، قال: فصلى وجلستُ خلفه، فلما كان من آخر الليل -أو في السحر- قال: اللهم إني سألتك ثلاثًا فأعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة، اللهم فأعطنيها حتى أعبدك كما أحب -أو كما أريد- قال: فلما برق الفجر التفت فرآني، فقال: فإنك منذ الليلة ههنا، وإنك لتراعيني. قال: