بالأمس، ولم يسألني عن أحدٍ من أهله وعشيرته، ولم يسمني العشاء. قال: قلت: يا عامر، رأيت منك عجبًا. قال: وما هو؟ قال: قلت قد غبت عن أهلك وعشيرتك من حيث تعلم، فلم تسألني عمن مات منهم ومن عاش، وقد علمت مكاني منهم، وسألتني مساءلة رجل عهدك به بالأمس ولم تسمني العشاء؟ ! قال: أما قولك في مساءلتي إياك؛ فقد رأيتك صالحًا فعمَّ أسألك؟ ! وأما عشيرتي وأهلي فما أسأل عنهم، فمن مات منهم فقد مات، ومن لم يمت فسيموت، وأما قولك: فإني لم أسمك العشاء؛ فقد عهدتك تأكل طعام الأمراء، وطعامي فيه خشونة، ولم أظن أن بك حاجة إليه.
"الزهد" ص ٢٧١ - ٢٧٢
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا صخرة يقول: قيل لعامر: رضيت في شرفك وحسبك بيتك هذا، وهذا لباسك؟ قال: إن اللَّه عز وجل جعل قرة عين عامر في هذا.
قال عبد اللَّه: قرأت على أبي هذا الحديث: حدثنا محمد بن مصعب قال: سمعت مخلدا ذكر عن هشام، عن الحسن، أن عامرًا دخل مسجدًا فسمع قومًا يذكرون الغموم التي يلقونها في معاشهم، فقال عامر: صدقتموني واللَّه عن أنفسكم، أما واللَّه لئن استطعت لأجعلن الهم همًّا واحدًا. قال الحسن: ففعل رحمه اللَّه.
"الزهد" ص ٢٧٢
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا خلف بن خليفة الأشجعي، حدثنا إسحاق البصري، عن عنبسة الخواص قال: لما قدم عبد اللَّه بن عامر أميرًا على البصرة، قال: يا أهل البصرة، اكتبوا لي من كل خمسة رجلًا من القراء أشاورهم في أمري، وأطلعهم على