سري، وأستعين بهم على ما ولاني اللَّه عز وجل، قال: فكتب له زياد بن مطر العدوي، وكان قد بلى حتى ذهب بصره، وكتب له غزوان من بني رقاش، وكان قد حلف أن لا يضحك حتى يعلم حيث يصيره اللَّه عز وجل، قال: قال الحسن: واللَّه ما ضحك حتى لحق باللَّه، وكتب له جابر بن أشتر من غطفان -قال عبد اللَّه: قال أبي: غير حسين قال: أشتر بن جابر- وكتب له عامر بن عبد قيس العنبري، وكتب له النعمان بن شوال العبدي، فلما دخلوا عليه قال: أنتم القراء قد أمرت لكم بألفين ألفين وكذا وكذا جريب. فأجابه النعمان بن شوال -وكان من أسن القوم، وخلوه والجواب، وكان قد ولوه أمرهم- فقال له: أيها الأمير، ألنا خاصة أم لأهل البصرة عامة؟ قال: بل لكم خاصة، ولا يسع هذا المال أهل البصرة. قال: فتقول ما نقول صدقة، فإن كان صدقة فلا يدخل لنا بطونا، ولا يعلو لنا جلودًا، وإنما يأخذ العامل ثمن عمله، وإنما نعمل لربنا عز وجل فلا حاجة لنا فيما عندك، فقال له ابن عامر: ألا أراك طعانًا، اخرج من عندي. قال: أما إنك ما عهدتني للأمراء زوارا. قال: ثم أقبل إلى عامر، فقال: قد أمرت لك بألفين وكذا وكذا جريبًا. قال: انظر المكاتبين الذين هم على أبواب المسجد هم أفقر إليها مني. قال: إني قد أمرت أن لا تحجب لي عن باب. قال: عليك بسعيد بن قرحى هو أغشى للأمراء مني. قال: انظر أي امرأة شئت بالبصرة أزوجكها. ولم يكن تزوج قط، قال: أيها الأمير، أرأيت الرجل إذا كان له امرأة وولد يشغل ذلك قلبه؟ قال: نعم، قال: فلا حاجة لي فيه، أجعل الهمَّ همًّا واحدًا حتى ألقى ربي عز وجل.
"الزهد" ص ٢٧٢ - ٢٧٣
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثني ابن كوا بن