للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَوِيَ قَائِمًا هَكَذَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ وَالرَّجُلُ وَحْدَهُ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَبَعْدَ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ يَقُومُ الْمَأْمُومُ أَيْضًا فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا كَبَّرَ، وَيَفْعَلُ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ مِنْ صِفَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الصُّبْحِ

وَيَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ

وَيُسْتَحَبُّ مِثْلُ ذَلِكَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ

وَيَفْعَلُ فِي الْعَصْرِ

ــ

[الفواكه الدواني]

خَالَفَ وَأَبْدَلَ السِّرَّ بِأَعْلَى الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ وَلَوْ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ فِي السُّورَةِ لَكِنْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَكَذَا عَكْسُهُ لَوْ أَسَرَّ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلُ لَكِنْ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا وَقَعَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ كَالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ فِي السُّورَةِ فَقَطْ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَا سُجُودَ، وَهَذَا حُكْمُ الْمُخَالَفَةِ سَهْوًا، وَفَاتَ التَّدَارُكُ بِأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ جَهَرَ فِي مَحَلِّ السِّرِّ أَوْ أَسَرَّ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ قَبْلَ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ عَلَى سُنَّتِهَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ حَيْثُ حَصَلَ ذَلِكَ فِي سُورَةٍ، وَأَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ سَهْوًا، وَأَمَّا لَوْ خَالَفَ السُّنَّةَ عَمْدًا فَأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُ بُطْلَانِهَا وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَالثَّالِثُ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ.

(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا قَالَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا مَعَ عَدَمِ تَوَهُّمِهِ لِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ السُّورَةَ تُزَادُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَالْأُولَيَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَرَاهَةُ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَعَ الرُّبَاعِيَّة كَالثَّالِثَةِ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ، وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَتَيْنِ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» .

(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي الْجَلْسَةِ الْأُولَى) بِأَنْ يَقُولَ التَّحِيَّاتُ (إلَى قَوْلِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ مِنْ نَدْبِ التَّقْصِيرِ وَكَرَاهَةِ التَّطْوِيلِ فِي الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ. (ثُمَّ يَقُومُ) بَعْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ (فَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا) ؛ لِأَنَّهُ فِي قِيَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ كَالْمُفْتَتِحِ لِصَلَاةٍ بِخِلَافِ الْقِيَامِ بَعْدَ الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ يُسْتَحَبُّ تَعْمِيرُ الرُّكْنِ بِالتَّكْبِيرِ، فَيُكَبِّرُ فِي الشُّرُوعِ كَمَا قَدَّمْنَا.

(هَكَذَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ وَالرَّجُلُ) الْمُرَادُ الْمُصَلِّي (وَحْدَهُ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَبَعْدَ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ) بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ (يَقُومُ الْمَأْمُومُ أَيْضًا) سَاكِتًا (فَإِذَا اسْتَوَى) أَيْ اسْتَقَلَّ (قَائِمًا كَبَّرَ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِمَامِ وَلِذَا يَقُومُ بَعْدَ اسْتِقْلَالِ إمَامِهِ، وَلَوْ قَامَ فِي أَثْنَاءِ تَشَهُّدِهِ بِتَرْكِهِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: كَذَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَيَتَشَهَّدُ فِي الْجِلْسَةِ الْأُولَى إلَى قَوْلِهِ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (وَيَفْعَلُ فِي بَقِيَّةِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ صِفَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَحَالَ تَشَهُّدِهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ وَتَقْدِيمِهَا عِنْدَ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ (نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي) صِفَةِ صَلَاةِ (الصُّبْحِ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَتَّصِلُ بِالظُّهْرِ مِنْ النَّوَافِلِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ (يَتَنَفَّلَ بَعْدَهَا) أَيْ الظُّهْرِ وَبَعْدَ الْفَصْلِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَذْكَارِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَرَدَ التَّحْدِيدُ بِأَرْبَعٍ؛ لِأَنَّ إمَامَنَا فَرَضَهُ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الثَّوَابِ الْمَخْصُوصِ، وَأَمَّا مُطْلَقُ الصَّلَاةِ فَيُصَلِّ وَلَوْ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَلَا إشْكَالَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ» .

(وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) قَبْلَهَا أَيْ الظُّهْرِ وَبَعْدَ الزَّوَالِ (يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) لِمَا جَاءَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْضًا: «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُ يَوْمِهِ ذَلِكَ» وَإِنَّمَا قَالَ: يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ عَدَمُ الْفَصْلِ بِالسَّلَامِ بَيْنَ الْأَرْبَعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَالصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى» وَلَفْظُ الْمُوَطَّإِ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ» الْحَدِيثُ ضَعَّفَهُ الْحُفَّاظُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ نَدْبِ السَّلَامِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ لَوْ سَهَا وَقَامَ لِثَالِثَةٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهَا، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ عَقْدِهَا تَمَادَى وَصَلَّاهَا أَرْبَعًا كَانَتْ نَافِلَةَ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَا مُنَاقَضَةَ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالتَّمَادِي وَالسُّجُودِ.

قَالَ ابْنُ نَاجِي: إنَّمَا ذَلِكَ الِاحْتِيَاطُ لِمَا فِي التَّمَادِي مِنْ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَالسُّجُودُ مُرَاعَاةٌ لِمَذْهَبِنَا، وَأَمَّا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ فِي النَّفْلِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَا يُقَالُ: الصَّلَاةُ تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا سَهْوًا فَكَيْفَ يَرْجِعُ مُطْلَقًا؟ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّفَلِ الْمَحْدُودِ.

(وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ لِمُرِيدِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَنْ يَفْعَلَ (مِثْلَ ذَلِكَ) النَّفْلِ الْكَائِنِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ (قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ) لِخَبَرِ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» وَدُعَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>