للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُضْعُ بِالْبُضْعِ.

وَلَا نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَلَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهُوَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ.

وَلَا النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا مَا جَرَّ إلَى غَرَرٍ

ــ

[الفواكه الدواني]

مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهَا لَمَّا أَخْبَرَتْهُ بِخِطْبَتِهِمَا فَإِنْ كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ فَقَدْ خَطَبَ أُسَامَةُ عَلَى خِطْبَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَا مُتَعَاقِبَيْنِ فَالثَّانِي خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ الْأَوَّلِ وَأُسَامَةُ خَطَبَ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ بِإِرْشَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهَا إلَى أُسَامَةَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رُكُونُ مَنْ لَهُ الْكَلَامُ، وَمِثْلُهُ رُكُونُ أُمِّهَا حَيْثُ لَمْ تُرِدْ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ إذَا اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ، فَلَوْ رَجَعَتْ الْمَخْطُوبَةُ أَوْ وَلِيُّهَا عَنْ الرُّكُونِ قَبْلَ خِطْبَةِ الْغَيْرِ لَمْ تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا، وَصَرَّحَ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا عَلَى وَلِيِّهَا أَنْ يَرْجِعَا بَعْدَ الرُّكُونِ، وَعَدَمُ الْحُرْمَةِ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ مِنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي رُجُوعِ الزَّوْجَةِ أَوْ وَلِيِّهَا.

الثَّانِي: مَحَلُّ الْحُرْمَةِ إذَا كَانَ الرُّكُونُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ وَالْخَاطِبُ الثَّانِي صَالِحًا قَالَ خَلِيلٌ: وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يُبَيَّنْ، وَأَمَّا خِطْبَةُ الرَّاكِنَةِ لِلْفَاسِقِ فَلَا تَحْرُمُ إلَّا مِنْ فَاسِقٍ مِثْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَةُ غَيْرِ الْفَاسِقِ عَلَى خِطْبَةِ الْفَاسِقِ لِأَنَّ غَيْرَ الْفَاسِقِ يُعَلِّمُهَا أُمُورَ دِينِهَا، فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّالِحِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ يَجُوزُ لَهُمَا الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الْفَاسِقِ، وَالْمُحَرَّمُ خِطْبَةُ الْفَاسِقِ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مَجْهُولَ حَالٍ.

(فَإِنْ قِيلَ) : إنَّ قَيْدَ الْأَخِ لَاغٍ فَحِينَئِذٍ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الذِّمِّيِّ مَعَ أَنَّ الذِّمِّيَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْفَاسِقِ عِنْدَ اللَّهِ.

(فَالْجَوَابُ) : أَنَّ الْفَاسِقَ عَلَى حَالِهِ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا شَرْعًا، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ عَلَى حَالٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ بِغَيْرِ الْكُفْرِ: الثَّالِثُ: إذَا حَصَلَتْ الْخِطْبَةُ الْمُحَرَّمَةُ فَإِنَّ عَقْدَ الثَّانِي يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ: فَإِنْ بَنَى بِهَا فَلَا فَسْخَ، وَكَذَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ لَا يُفْسَخُ.

الرَّابِعُ: يَخْطُبُ وَيَسُومُ بِالرَّفْعِ عَلَى مَا رَوَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ عَنْ الْمُصَنِّفِ، فَيَكُونُ مِنْ ذِكْرِ النَّهْيِ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ.

الْخَامِسُ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ إلَّا الْخِطْبَةَ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ وَهِيَ الْكَلَامُ الْمُسَجَّعُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَمْ يَذْكُرْهَا مَعَ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ، وَتَكُونُ مِنْ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ، وَتُسْتَحَبُّ مِنْهُمَا أَيْضًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَهِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ، وَيُسْتَحَبُّ إخْفَاؤُهَا وَتَقْلِيلُهَا، وَالْمُبْتَدِئُ بِهَا الْخَاطِبُ عِنْدَ الْخِطْبَةِ وَالْوَلِيُّ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَصِيغَتُهَا أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ فُلَانًا أَوْ أَنَا أُرِيدُ الِاتِّصَالَ بِكُمْ أَوْ أُرِيدُ نِكَاحَ فُلَانَةَ، ثُمَّ يُجِيبُهُ الْآخَرُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ بِمِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفَاظِ الْخُطْبَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَكَذَلِكَ تُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَيَقُولُ الزَّوْجُ: قَبِلْت نِكَاحَهَا، وَالْوَلِيُّ يَقُولُ: أَنْكَحْتُك إيَّاهَا، وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْخُطْبَةِ وَالْعَقْدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِقُرْبِهِ مِنْ اللَّيْلِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ كَوْنُهَا فِي شَوَّالٍ، وَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ الْعَقْدِ وَالدُّعَاءُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ: يُبَارَكُ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ، وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْأَنْكِحَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ (نِكَاحُ الشِّغَارِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ الرَّفْعِ لِقَوْلِهِمْ: شَغَرَ الْكَلْبُ رِجْلَهُ إذَا رَفَعَهَا لِيَبُولَ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ الرِّجْلِ هَذَا الْجِمَاعُ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ الصَّدَاقِ، وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ الْبُضْعُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ (بِالْبُضْعِ) أَيْ بِالْفَرْجِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: زَوَّجَتْك ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك أَوْ أُخْتَك مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ، وَهَذَا صَرِيحُ الشِّغَارِ لِأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: صَرِيحٌ وَوَجْهٌ وَمُرَكَّبٌ، فَالصَّرِيحُ الْخَالِي مِنْ الصَّدَاقِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْوَجْهُ الْمُسَمَّى فِيهِ الصِّدْقُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْمُرَكَّبُ الْمُسَمَّى فِيهِ الْوَاحِدَةُ دُونَ الْأُخْرَى، وَحُكْمُ صَرِيحِ الشِّغَارِ الْفَسْخُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ، وَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهَا بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِ فَسْخِهِ بِطَلَاقٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ سَحْنُونٌ قَائِلًا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: وَحُكْمُ الْوَجْهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَهُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَحُكْمُ الْمُرَكَّبِ مِنْ الصَّرِيحِ، وَالْوَجْهُ فَسْخُ نِكَاحِ كُلٍّ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيُفْسَخُ نِكَاحُ مَنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا، وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْمُسَمَّى لَهَا بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مَحَلُّ فَسَادِ نِكَاحِ الشِّغَارِ إذَا تَوَقَّفَ نِكَاحُ إحْدَاهُمَا عَلَى نِكَاحِ الْأُخْرَى، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وَسَمَّيَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَدَخَلَا عَلَى التَّفْوِيضِ فَلَا فَسَادَ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُجْبَرَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

الثَّانِي: قَدْ قَدَّمْنَا الْخِلَافَ فِي الْفَسْخِ فِي كَوْنِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي عَلَى عِصْمَةٍ كَامِلَةٍ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ، فَعَلَى أَنَّ الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ لَا تَرْجِعُ بِهِ، وَعَلَى أَنَّ الْفَسْخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ تَرْجِعُ بِهِ

(وَلَا) يَجُوزُ أَيْ يَحْرُمُ (نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ) بِأَنْ دَخَلَا عَلَى إسْقَاطِهِ وَيَكُونُ فَاسِدًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الصَّدَاقَ رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ، وَحُكْمُ هَذَا النِّكَاحِ بَعْدَ الْوُقُوعِ الْفَسْخُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>