فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً حُرِّمَتْ بِالْعَقْدِ دُونَ أَنْ تُمَسَّ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِالْأُمِّ أَوْ يَتَلَذَّذَ بِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ بِشُبْهَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ وَلَا يَحْرُمُ بِالزِّنَا حَلَالٌ.
وَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَطْءَ
ــ
[الفواكه الدواني]
مِنْ النَّسَبِ وَلَا تَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ، الْأُولَى: أُمُّ أَخِيك أَوْ أُخْتُك.
الثَّانِيَةُ: أُمُّ وَلَدِ وَلَدِك.
الثَّالِثَةُ: جَدَّةُ وَلَدِك.
الرَّابِعَةُ: أُخْتُ وَلَدِك.
الْخَامِسَةُ: أُمُّ عَمِّك وَعَمَّتِك.
وَالسَّادِسَةُ: أُمُّ خَالِك وَخَالَتِك، وَأَشَارَ إلَيْهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: إلَّا أُمَّ أَخِيك أَوْ أُخْتِك، وَأُمَّ وَلَدِ وَلَدِك، وَجَدَّةَ وَلَدِك، وَأُخْتَ وَلَدِك، وَأُمَّ عَمِّك وَعَمَّتِك، وَأُمَّ خَالِك وَخَالَتِك، فَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ أَيْ وَيَحْرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَقَدْ وَفَّى كَلَامَهُ لِلتَّحْقِيقِ
وَلَمَّا كَانَ الْمُحَرَّمُ بِالْجَمْعِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ مُخْتَصًّا بِالْأُخْتَيْنِ وَأَلْحَقَتْ السُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ بِالْأُخْتَيْنِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا قَالَ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُحَرَّمِ بِالسُّنَّةِ: (وَنَهَى) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ (أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ) عَلَى (خَالَتِهَا) أَوْ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ بِقَوْلِهِ: وَجَمْعُ خَمْسٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا حَرُمَ أَيْ نِكَاحُ الْأُخْرَى، وَهَذَا الضَّابِطُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ بِالْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ أَوْ الصِّهَارَةِ، فَلَا يَرِدُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِ زَوْجِهَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُمِّ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا لَوْ قُدِّرَتْ كُلٌّ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأُخْرَى، لِأَنَّ الشَّخْصَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ عَمَّتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَبِنْتُ أَخِيهَا لَوْ قُدِّرَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا لَحَرُمَ عَلَيْهِ بِنْتُ أَخِيهِ، وَلَوْ قُدِّرَتْ بِنْتُ الْأَخِ ذَكَرًا لَحَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ عَمَّتِهِ، وَضَابِطُ خَلِيلٍ رُبَّمَا يَشْمَلُ الْعَمَّتَيْنِ وَالْخَالَتَيْنِ وَالْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ، وَمِثَالُ الْعَمَّتَيْنِ يُوجَدُ فِي بِنْتَيْ رَجُلَيْنِ تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْهُمَا أُمَّ الْآخَرِ، وَالْخَالَتَيْنِ يُتَصَوَّرُ فِي بِنْتَيْ رَجُلَيْنِ تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتَ الْآخَرِ، وَالْخَالَةُ وَالْعَمَّةُ يُتَصَوَّرُ فِي بِنْتَيْ رَجُلَيْنِ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا أُمَّ الْآخَرِ، وَالْآخَرُ بِنْتَ الْآخَرِ اُنْظُرْ التَّتَّائِيُّ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَحُكْمُهُ الْفَسْخُ وَلَوْ حَصَلَ دُخُولٌ بِهِمَا بِلَا طَلَاقٍ وَلَا مَهْرٍ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَأَمَّا إنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْعَقْدِ فَإِنْ عُلِمَتْ الْأُولَى فُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَثَبَتَ نِكَاحُ الْأُولَى، وَمِثْلُ الْعِلْمِ لَوْ صُدِّقَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينٍ لِيَسْقُطَ عَنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَيُفْسَحُ نِكَاحُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهَا ثَانِيَةٌ لَكِنْ بِطَلَاقٍ، وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ الْأُولَى مِنْ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ الْعِلْمَ بِأَوَّلِيَّةِ إحْدَاهُمَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صُدِّقَتْ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ بِلَا طَلَاقٍ كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا بِعَقْدٍ.
الثَّانِي: الْوَطْءُ بِالْمِلْكِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ كَمَا قَدَّمْنَا، فَتَحْرُمُ أُصُولُ الْمَوْطُوءَةِ بِالْمِلْكِ وَفُرُوعُهَا عَلَى وَاطِئِهَا، وَكَذَا تَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ عَلَى أُصُولِ الْوَاطِئِ وَفُرُوعِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَى وَاطِئِهَا الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي الْوَطْءِ، وَمِثْلُ الْوَطْءِ التَّلَذُّذُ، فَلَوْ تَلَذَّذَ بِأَمَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يُحَرِّمَ فَرْجَ الْأُولَى حَيْثُ أَرَادَ اتِّخَاذَهَا لِلْوَطْءِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَحَلَّتْ الْأُخْتُ بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ بِعِتْقٍ وَإِنْ لِأَجَلٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ وَقَدَّمْنَا ذَلِكَ أَيْضًا، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ حَلِيلَةَ الِابْنِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ بِالصِّهَارَةِ أَعَادَهَا لَيُبَيِّنَ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِقَوْلِهِ: (فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً) أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا (حُرِّمَتْ بِالْعَقْدِ) وَلَوْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ (دُونَ أَنْ تُمَسَّ عَلَى آبَائِهِ) أَيْ أُصُولِهِ وَإِنْ عَلَوْا (وَ) حُرِّمَتْ أَيْضًا عَلَى (أَبْنَائِهِ) أَيْ فُرُوعِهِ وَإِنْ سَفُلُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢] (وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (أُمَّهَاتُهَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ مُحَرِّمٌ الْأُمَّهَاتِ (وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا) أَيْ فُرُوعُهَا (حَتَّى يَدْخُلَ بِالْأُمِّ أَوْ يَتَلَذَّذَ بِهَا بِنِكَاحٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ (أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ) وَلَوْ كَانَ التَّلَذُّذُ بِالنَّظَرِ لِبَاطِنِ الْجَسَدِ.
قَالَ خَلِيلٌ: بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ وَأُصُولِ زَوْجَتِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا، وَهَذَا إشَارَةٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَطْرُوقَةِ وَهِيَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ، وَالتَّلَذُّذُ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ مَا يَشْمَلُ الْفَاسِدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى فَسَادِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ إلَّا وَطْؤُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ.
وَلَمَّا كَانَتْ شُبْهَةُ النِّكَاحِ كَالنِّكَاحِ قَالَ: (أَوْ بِشُبْهَةٍ مِنْ نِكَاحٍ) عَطْفٌ عَلَى بِنِكَاحٍ أَيْ إنْ تَلَذَّذَ الشَّخْصُ بِالْمَرْأَةِ بِسَبَبِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ يَحْصُلُ بِهِ التَّحْرِيمُ لِأُصُولِ الْمُتَلَذِّذِ بِهَا وَفُرُوعِهَا عَلَى الْمُتَلَذِّذِ وَعَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ يَتَزَوَّجَ تَزْوِيجًا فَاسِدًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَكِنْ يَدْرَأُ الْحَدَّ، كَأَنْ يَتَزَوَّجَ بِمُعْتَدَّةٍ أَوْ خَامِسَةٍ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ غَيْرَ عَالِمٍ وَيَتَلَذَّذَ بِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَأَصْلُهَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَحَرُمَ الْعَقْدُ وَإِنْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَوَطْؤُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْعَقْدُ كَمَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا، فَلَا عِبْرَةَ بِعَقْدِ الْمُكْرَهِ وَلَا عَقْدِ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِ الْعَبْدِ وَوَلِيِّ الصَّبِيِّ، وَمِثْلُ الْوَطْءِ الْمُقَدِّمَاتُ وَقَدْ قُدِّمَتْ