للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقَصَهُ الْعَيْبُ عِنْدَهُ، وَإِنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ وَقَدْ اسْتَغَلَّهُ فَلَهُ غَلَّتُهُ.

وَالْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ جَائِزٌ.

إذَا ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا قَرِيبًا إلَى مَا

ــ

[الفواكه الدواني]

لِحَالَةٍ أَخْرَجَ بِهِ صُورَةَ اسْتِحْقَاقِ الْجُلِّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ: قَبْلَ ضَمَانِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّقْصِ وَضَمَانُ فَاعِلٌ بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ لَفْظُ ضَمَانُهُ، وَلَمْ يَقُلْ قَبْلَ بَيْعِهِ لِيَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الْعَيْبُ الَّذِي يَحْدُثُ فِي السِّلْعَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَفِي مُدَّةِ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَالْحَادِثِ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَفِي الْأَمَةِ زَمَنَ مُوَاضَعَتِهَا، فَإِنَّ حُكْمَ هَذَا حُكْمُ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْعَقْدِ فِي ثُبُوتِ الرَّدِّ بِهِ لِلْمُشْتَرِي.

قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَرُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ كَثَيِّبٍ لِيَمِينٍ فَيَجِدُهَا بِكْرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ صَرِيحًا أَوْ بِمُنَادَاةٍ، وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ كَعَوَرٍ وَقَطْعٍ وَلَوْ أُنْمُلَةً، وَخِصَاءٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَعُسْرٍ وَزِنًى وَشُرْبٍ وَبَخَرٍ وَزَعَرٍ، وَزِيَادَةِ سِنٍّ وَظُفُرٍ وَعُجَرٍ وَبُجَرٍ وَالِدَيْنِ أَوْ وَالِدٍ لَا أَخٍ وَلَا جَدٍّ، وَجُذَامِ أَبٍ أَوْ جُنُونِهِ بِطَبْعٍ لَا بِمَسِّ جِنٍّ، وَكَرَهَصٍ وَعَثْرٍ وَحِرَانٍ وَعَدَمِ حَمْلٍ مُعْتَادٍ، وَكَالدَّيْنِ وَتَقْوِيسِ الذِّرَاعَيْنِ، وَقِلَّةِ الْأَكْلِ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، أَوْ الْعَاقِلِ إذَا كَانَ يَنْقُصُ عَمَلُهُ بِسَبَبِ قِلَّةِ أَكْلِهِ. وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ فَلَيْسَتْ عَيْبًا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، وَأَمَّا فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّهَا عَيْبٌ حَيْثُ خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَخْيِيرِ مَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا بِأَكْلِهِ فَيُوجَدُ أَكُولًا.

١ -

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ ثَابِتٌ فِي الْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ إلَّا فِي الدُّورِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعَقَارَاتِ فَلَا رَدَّ فِيهَا بِالْقَلِيلِ وَلَا الْمُتَوَسِّطِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِأَرْضِ الْمُتَوَسِّطِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ كَالْكَائِنِ بِوُجْهَتِهَا مِمَّا يَنْقُصُ ثَمَنُهَا فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِهِ أَوْ التَّمَاسُكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، فَعُيُوبُهَا ثَلَاثَةٌ: كَثِيرٌ فِيهِ الرَّدُّ وَلَا أَرْشَ لَهُ إنْ تَمَاسَكَ، وَالْمُتَوَسِّطُ لَهُ الْأَرْشُ وَلَا رَدَّ لَهُ، وَالْقَلِيلُ جِدًّا لَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ غَيْرَهَا قَدْ يُرَادُ مِنْهُ التِّجَارَةُ.

١ -

الثَّانِي: مَحَلُّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ ذَاتِ الْمَبِيعِ كَالْعُيُوبِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي كَلَامِ خَلِيلٍ، وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ لَا بِتَغَيُّرِ ذَاتِ الْمَبِيعِ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ، وَمَرَارَةِ نَحْوِ الْقِثَّاءِ، وَعَدَمِ حَلَاوَةِ نَحْوِ الْبِطِّيخِ، فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي بِهِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَرُدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَأَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ عِنْدَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَتَغَيُّرُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُتَوَسِّطٌ، وَمُخْرَجٌ عَنْ الْمَقْصُودِ كَهَرَمِ الدَّابَّةِ وَقَطْعِ الشَّفَةِ قَطْعًا غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَقَلِيلٌ جِدًّا، وَأَشَارَ إلَى الْمُتَوَسِّطِ بِقَوْلِهِ: (إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ) أَيْ يُنْقِصُ ثَمَنَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ، كَعَجَفِ الدَّابَّةِ أَوْ سِمَنِهَا سِمَنًا بَيِّنًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَةِ بِحَيْثُ لَا تَلْحَقُ غَيْرَهَا، أَوْ عَمًى أَوْ شَلَلٍ أَوْ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ.

(فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي (أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ الثَّمَنِ) وَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ (أَوْ يَرُدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ (وَيَرُدُّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ) الْحَادِثُ (عِنْدَهُ) ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ ثَابِتٌ لِلْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ.

قَالَ خَلِيلٌ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَرُدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ إنْ تَوَسَّطَ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ وَدَفْعُ الْحَادِثِ وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، فَيُقَوَّمُ سَالِمًا مِنْ الْعَيْبَيْنِ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، وَبِالْقَدِيمِ بِثَمَانِيَةٍ، وَبِالْحَادِثِ بِسِتَّةٍ، فَإِنْ رَدَّ دَفَعَ لِلْبَائِعِ اثْنَيْنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ اثْنَيْنِ، وَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ أَوْ نَقَصَ فَبِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ يُنْسَبُ إلَى ثَمَنِهِ سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبَيْنِ، وَأَرْشَ الْحَادِثِ يُنْسَبُ إلَى ثَمَنِهِ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ، وَمَحَلُّ هَذَا التَّخْيِيرِ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ، وَإِلَّا نَزَلَ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْقَدِيمِ، أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْحَادِثِ.

قَالَ خَلِيلٌ: إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ، وَفَسَّرْنَا الْمُفْسِدَ بِالنَّقْصِ لِلثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ عَنْ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَبِيعِ مُفَوِّتٌ لِلرَّدِّ، وَمُوجِبٌ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمُخْرَجُ عَنْ الْمَقْصِدِ مُفِيتٌ فَالْأَرْشُ فَيُقَوَّمُ سَلِيمٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ سَالِمٌ، فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، يُقَالُ: وَمَا قِيمَتُهُ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ، فَإِذَا قِيلَ: ثَمَانِيَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَتْهُ الثَّمَانِيَةُ عَنْ الْعَشَرَةِ، وَهُوَ الْخُمُسُ، فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجَعَ بِثَلَاثَةٍ، وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً رَجَعَ بِعِشْرِينَ، وَهَكَذَا، وَأَمَّا الْقَلِيلُ جِدًّا فَكَالْعَدِمِ كَوَعْكٍ وَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ وَذَهَابِ ظُفْرٍ.

(تَنْبِيهٌ) . كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَيْبِ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ قَدِيمٌ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ التَّنَازُعُ فِي عَدَمِ عَيْبٍ أَوْ حُدُوثِهِ أَوْ تَنَازَعَا فِي وُجُودِ عَيْبٍ، مِثْلُهُ يَخْفَى، وَعَدَمِ وُجُودِهِ، فَالْحُكْمُ فِي هَذَا الثَّانِي قَبُولُ قَوْلِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي، وَمَعْنَى شَهَادَةِ الْعَادَةِ أَنْ تَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنَّهُ حَادِثٌ مُعْتَمَدَةٌ فِي شَهَادَتِهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَكُلُّ مَنْ قَطَعَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَكُلُّ مَنْ رَجَّحَتْ قَوْلَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَعِنْدَ الْإِشْكَالِ عَلَيْهَا الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ أَوْ قِدَمِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي، وَحَلَفَ مَنْ لَمْ تَقْطَعْ بِصِدْقِهِ وَيَمِينِهِ بِعْته، وَمَا هُوَ بِهِ، وَتَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>