بِشَرْطٍ.
وَالنَّفَقَةُ فِي ذَلِكَ وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ.
وَإِنَّمَا يُتَوَاضَعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةُ الَّتِي لِلْفِرَاشِ فِي الْأَغْلَبِ أَوْ الَّتِي أَقَرَّ
ــ
[الفواكه الدواني]
خِلَافُ اخْتِبَارِ الْمُشْتَرِي لِلسِّلْعَةِ؛ لِأَنَّ اخْتِبَارَهَا امْتِحَانُهَا مِنْ جِهَةِ قِلَّةِ أَكْلِهَا أَوْ عَمَلِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَشُورَةُ فَتَكُونُ فِي الْغَالِبِ لِأَجْلِ الْإِقْدَامِ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ عَدَمِهِ، كَبَتِّ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّ السِّلْعَةِ، وَاسْتَفِدْ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ زَمَنَ الْمَشُورَةِ لَوْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ لَأَفْسَدَ الْبَيْعَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةٍ بَعِيدٍ أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ أَوْ غَيْبِهِ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَفَسَدَ بِشَرْطٍ إلَخْ أَنَّ الْبَيْعَ لَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ وَلَمْ يُعَيِّنَا أَجَلًا لَمْ يَفْسُدْ الْمَبِيعُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُصَارُ إلَى أَجَلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ.
وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّاذِلِيُّ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ مَعْلُومَةً بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الشَّاذِلِيِّ: وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ بَلْ لَوْ سَكَتَا عَنْهُ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَكَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا بِهِ كَمَا عِنْدَنَا فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ فِي بَيْعِ الدَّوَابِّ، وَالْعُرْفُ عِنْدَ مَالِكٍ كَالشَّرْطِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ أَنَّ خِيَارَ التَّرَوِّي لَا يَكُونُ إلَّا بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَادَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْمَجْلِسِ، وَلَمْ يُبَيِّنَا حُكْمَ مَا لَوْ شَرَطَاهُ.
وَفِي الْأُجْهُورِيِّ: أَنَّ اشْتِرَاطَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ، وَلِي بَحْثٌ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَدْخُولِ فِيهِ عَلَى مَشُورَةِ شَخْصٍ قَرِيبٍ كَمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ جَهْلِ زَمَنِ الْخِيَارِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي عَدَمُ فَسَادِ الْعَقْدِ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ لِقِصَرِ زَمَانِ الْمَجْلِسِ عُرْفًا عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا عَلَيْهِ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا حَصَلَ مِنْهُ نَفْيُ ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِأَحَدِ الْمُبَايِعَيْنِ بِمُقْتَضَى الْمَجْلِسِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَاهُ لِأَحَدِهِمَا مُدَّةَ الْمَجْلِسِ لَعُمِلَ بِهِ وَحَرِّرْ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ. وَلَا يُقَالُ: مُدَّةُ الْخِيَارِ مَحْدُودَةٌ بِأَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِمْ حَدٌّ لِأَكْثَرِهِ، وَلِذَلِكَ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِاشْتِرَاطِ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَلَا يُنَافِي جَوَازُ اشْتِرَاطِ أَقَلَّ مِنْهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا نَفْيَ الْخِيَارِ جُمْلَةً لَكَانَ لَهُمَا ذَلِكَ،.
١ -
الثَّانِي: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ وَيُعَدُّ بَعْدُ الْمُخْتَارُ رَاضِيًا، وَبَيَّنَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَقَاطَعَهُ قَوْلُ وَفِعْلُ الْمَازِرِيِّ وَتَرَك هُوَ عَدَمَهُمَا، فَالْقَوْلُ نَحْوُ رَضِيت، وَالْفِعْلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتِبٌ أَوْ زَوْجٌ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا أَوْ رَهَنَ أَوْ آجَرَ أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ أَوْ تَسَوَّقَ أَوْ جَنَى أَوْ تَعَمَّدَ أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ أَوْ عَرَّبَ دَابَّةً أَوْ وَدَكَهَا، وَالتَّرْكُ كَالْقَضَاءِ مُدَّةَ الْخِيَارِ، وَالسِّلْعَةُ تَحْتَ يَدِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَلَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرَّدَّ بَعْدَ مُدَّةِ الْخِيَارِ لَكَانَ لَهُ الرَّدُّ فِي الْغَدِ وَالْغَدَاءَيْنِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ.
الثَّالِثُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ وَلَا خَلِيلٌ الَّذِي تَكُونُ عِنْدَهُ السِّلْعَةُ زَمَنَ الْخِيَارِ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِاخْتِبَارِ الثَّمَنِ أَوْ لِلتَّرَوِّي فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ وَعَدَمِهِ فَمَحَلُّ السِّلْعَةِ عِنْدَ الْبَائِعِ إذَا تَنَازَعَا فِيمَنْ تَكُونُ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ لِاخْتِبَارِ أَكْلِ السِّلْعَةِ أَوْ عَمَلِهَا أَوْ لَبَنِهَا فَمَحَلُّهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَسْلِيمُهَا لِلْمُشْتَرِي إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَقْتَ الْعَقْدِ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَاتَّفَقَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا وَادَّعَى كُلٌّ نَقِيضَ قَصْدِ صَاحِبِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ حَتَّى يَحْصُلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى شَيْءٍ. وَلَمَّا كَانَتْ السِّلْعَةُ فِي زَمَنِ خِيَارِ التَّرَوِّي عَلَى مِلْكِ بَائِعِهَا لِانْحِلَالِ الْبَيْعِ قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ) أَيْ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ (فِي) زَمَنِ (الْخِيَارِ وَلَا فِي) زَمَنِ (عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) ، وَهِيَ بَيْعُ الرَّقِيقِ عَلَى أَنَّ ضَمَانَهُ فِي الثَّلَاثِ مِنْ بَائِعِهِ وَلَوْ بِالسَّمَاوِيِّ. (وَلَا فِي) زَمَنِ (الْمُوَاضَعَةِ) ، وَهِيَ جَعْلُ الْأَمَةِ الْعَلِيَّةِ أَوْ الْوَخْشِ الَّتِي أَقَرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا. (بِشَرْطٍ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، فَالْعَقْدُ يَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ نَقْدِ الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَوْ أَسْقَطَاهُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ، وَلَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ إنَّمَا تَظْهَرُ مَعَ النَّقْدِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ النَّقْدُ بِالْفِعْلِ يَصْحَبُ الشَّرْطَ غَالِبًا نُزِّلَ غَيْرُ الْحَاصِلِ مَنْزِلَةَ الْحَاصِلِ، وَأَشَارَ خَلِيلٌ إلَى تِلْكَ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ: وَفَسَدَ بِشَرْطٍ قَدْ نُقِدَ كَغَائِبٍ وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ، وَمُوَاضَعَةٍ وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رَبُّهَا وَجُعْلٍ، وَإِجَارَةٍ بِجُزْءِ زَرْعٍ وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا، وَمَفْهُومٌ بِشَرْطِ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا إلَّا فِي الْمُوَاضَعَةِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهَا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهَا مَسَائِلُ أَشَارَ إلَيْهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ:، وَمُنِعَ، وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مَوَاضِعِهِ وَغَائِبٍ وَكِرَاءٍ ضَمِنَ وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ، وَقَوْلُهُ بِخِيَارٍ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعِ مَسَائِلَ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ النَّقْدُ، وَإِنْ تَطَوُّعًا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ، وَقَوْلُ خَلِيلٍ: وَكِرَاءٌ ضَمِنَ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الْمَضْمُونُ وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَالْمَفْهُومُ فِيهِ مُعَطَّلٌ، وَمَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ دَخَلَا عَلَى شَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ.
وَأَمَّا لَوْ شَرَطَا عَدَمَ الْمُوَاضَعَةِ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا بِعَدَمِهَا كَمَا فِي بِيَاعَاتِ مِصْرَ فَلَا يَضُرُّ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ، وَلَكِنْ لَا يُقَرَّانِ عَلَى تَرْكِ الْمُوَاضَعَةِ، بَلْ تُنْزَعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَيُجْبَرَانِ عَلَى وَضْعِهَا تَحْتَ يَدٍ أَمِينَةٍ، وَأَمَّا الْأَمَةُ الَّتِي لَا تَتَوَاضَعُ، وَهِيَ الْوَخْشَةُ الَّتِي لَمْ يُقِرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا فَإِنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ عِنْدَ مُشْتَرِيهَا، وَلَا يُمْتَنَعُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ