للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُبْتَاعِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ، فَإِنْ حَالَ سَوْقُهُ أَوْ تَغَيَّرَ فِي بَدَنِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا يَرُدُّهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ

ــ

[الفواكه الدواني]

وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ فَقَطْ مِنْ وَلَدِهَا، وَإِنْ بِقِسْمَةٍ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فِي الْبَيْعِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ أَيْ غَيْرُ مُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ كَدَفْعِ أَحَدِهِمَا صَدَقَةً أَوْ هِبَةً لِغَيْرِ ثَوَابٍ بَلْ لِوَجْهِ الْمُعْطِي فَلَا حُرْمَةَ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ، وَقِيلَ يُكْتَفَى بِجَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ، وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِالْعِتْقِ، وَيُكْتَفَى بِجَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ اتِّفَاقًا، فَإِذَا أَعْتَقَ الْوَلَدَ وَبَاعَ الْأُمَّ فَيَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْإِنْفَاقَ عَلَى الْوَلَدِ وَكِسْوَتَهُ إلَى حُصُولِ الْإِثْغَارِ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ وَبَاعَ الْوَلَدَ اشْتَرَطَ عَلَى مُشْتَرِيهِ جَمْعَهُ مَعَ أُمِّهِ.

، وَنَفَقَةُ الْأُمِّ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنْ دَبَّرَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ الْآخَرِ وَحْدَهُ، وَلَا مَعَ الْآخَرِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، بِخِلَافِ لَوْ كَاتَبَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ بَاعَ كِتَابَتَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بَيْعُ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ مَعَ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ، وَيَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَحْصُلَ الْإِثْغَارُ، وَقَيَّدْنَا بِدِنْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَحْرُمُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجَدَّةِ وَوَلَدِ وَلَدِهَا، كَمَا لَا تَحْرُمُ بَيْنَ الْأَبِ وَوَلَدِهِ، وَلَا بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأُمُّ مِنْ النَّسَبِ، وَقُلْنَا الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ التَّفْرِقَةِ مُخْتَصَّةٌ بِالْعُقَلَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبَالَغَ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِقِسْمَةٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ جَارِيَةٍ وَأَوْلَادِهَا الصِّغَارِ لَا يَجُوزُ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذَ وَاحِدٌ الْأُمَّ وَالْآخَرُ الْوَلَدَ وَتَسْتَمِرُّ الْحُرْمَةُ. (حَتَّى يُثْغِرَ) الْوَلَدُ فَإِنْ أَثْغَرَ أَيْ سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ وَنَبَتَتْ كُلُّهَا وَلَوْ لَمْ يَتَكَامَلْ نَبَاتُهَا جَازَتْ التَّفْرِقَةُ، وَالْمُرَادُ الْإِثْغَارُ الْمُعْتَادُ.

قَالَ خَلِيلٌ: مَا لَمْ يُثْغِرْ مُعْتَادًا وَيُكْتَفَى بِبُلُوغِ زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ، وَهُوَ بَعْدَ السَّبْعِ وَلَوْ لَمْ يُثْغِرْ بِالْفِعْلِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ التَّفْرِقَةِ حَقٌّ لِلْأُمِّ، وَمَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: مَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ، وَإِلَّا جَازَتْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْإِثْغَارِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَةِ التَّفْرِقَةِ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَا لَا تُولَهُ وَالِدَةٌ عَلَى وَلَدِهَا» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ أَوْ أَحْبَابِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ كَانَتْ الْأُمُّ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً لَكِنْ غَيْرَ حَرْبِيَّةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ مِنْ زِنًى، وَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا وَأُمُّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَأَمَّا الْحَرْبِيَّةُ فَلَا تَحْرُمُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا، فَيَجُوزُ لِبَعْضِ الْمُجَاهِدِينَ أَخْذُ الْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ، وَالْمَسْبِيَّةُ مَعَ صَغِيرٍ تَدَّعِي أَنَّهُ وَلَدُهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا حَيْثُ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهَا.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَثْبُتُ الْبُنُوَّةُ الْمَانِعَةُ لِلتَّفْرِقَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ مَالِكِيهِمَا أَوْ دَعْوَى الْأُمِّ مَعَ قَرِينَةِ صِدْقِهَا، وَتَصْدِيقُ الْمَسْبِيَّةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ التَّفْرِقَةِ فَقَطْ لَا فِي غَيْرِهَا مِنْ أَحْكَامِ الْبُنُوَّةِ، فَلَا يَخْتَلِي بِهَا إنْ كَبِرَ، وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا لَكِنْ هِيَ لَا تَرِثُ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِ، وَأَمَّا هُوَ فَيَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا لَوْ حَصَلَتْ التَّفْرِقَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ، وَأَشَارَ إلَيْهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ زَمَنُ الْحُرْمَةِ بِأَنْ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى حَصَلَ الْإِثْغَارُ الْمُعْتَادُ، وَإِلَّا مَضَى الْبَيْعُ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَتْ التَّفْرِقَةُ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ، وَقِيلَ يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَسْخِ، وَيُضْرَبُ بَائِعُ التَّفْرِقَةِ، وَمُبْتَاعُهَا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْتَادَاهُ، وَمَحَلُّ ضَرْبِهِمَا إنْ عَلِمَا حُرْمَةَ التَّفْرِقَةِ، وَإِلَّا عُذِرَا بِالْجَهْلِ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَا جَوَازُ عِتْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ كِتَابَتِهِ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ نِصْفِهِمَا أَوْ ثُلُثِهِمَا وَلَوْ لِغَيْرِ الْعِتْقِ. وَيُثْغِرُ يَجُوزُ فِي يَائِهِ الْفَتْحُ وَيَسْكُنُ الْمُثَلَّثَةُ وَكَسْرُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا مَعَ تَسْكِينِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْضًا، وَهُوَ سُقُوطُ الرَّوَاضِعِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي ضَمَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا وَفِيمَا يُنْقَلُ مِلْكُهُ إلَى الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ) مَبِيعٍ (بَيْعٍ فَاسِدٍ) لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ (فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ) لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُبْتَاعُ (فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ) قَبْضًا مُسْتَمِرًّا بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ (فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ مِنْ يَوْمِ) أَيْ زَمَنِ (قَبْضِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ بِقَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى وُجْهَةِ التَّمَلُّكِ لَا عَلَى جِهَةِ الْأَمَانَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ مَكَّنَهُ الْبَائِعُ مِنْ قَبْضِهِ، وَالضَّمَانُ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانُ رِهَانٍ، فَلَا يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَقَيَّدْنَا الْقَبْضَ بِالْمُسْتَمِرِّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَهَلَكَتْ فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْبَتِّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ بَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ إذَا وَقَعَ عَلَى خِيَارِ الضَّمَانِ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ لِمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ كَمَا قَدَّمْنَا.

١ -

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِضَمَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مِمَّا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ، وَأَمَّا نَحْوُ الْمَيْتَةِ وَالزِّبْلِ وَالْكَلْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَبَضَهُ وَأَدَّى ثَمَنَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَالْمُرَادُ الْكَلْبُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مِنْ قَتْلِهِ تَعَدِّيًا كَمَا نَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْكِلَابِ.

١ -

الثَّانِي: مَفْهُومُ الْفَاسِدِ أَنَّ الْبَيْعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>