وَالْبِرَكِ مِنْ الْحِيتَانِ.
وَلَا بَيْعُ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَلَا بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَلَا بَيْعُ نِتَاجِ النَّاقَةِ وَلَا بَيْعُ مَا
ــ
[الفواكه الدواني]
وَالْأَصْلُ وَالْأَشْجَارُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرِ، وَالْأَرْضُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُبُوبِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ بَدَا صَلَاحُهُ إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ وَقَبْلَهُ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ أَوْ عَلَى قَطْعِهِ إنْ نَفَعَ وَاضْطُرَّ لَهُ وَلَمْ يَتَمَالَأْ عَلَيْهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ، وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَضَمَانُ الثَّمَرَةِ مِنْ الْبَائِعِ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ، فَإِذَا جَذَّهَا رَطْبَةً رَدَّ قِيمَتَهَا وَتَمْرًا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا قِيمَتَهُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي مَفْهُومِ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ ثَمَرٍ وَحَبٍّ (إذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ) وَأَوْلَى كُلُّهُ قَالَ خَلِيلٌ: وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ بَدَا صَلَاحُهُ إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ، فَإِنْ اسْتَتَرَ فِي أَكْمَامِهِ كَقَلْبِ لَوْزٍ وَجَوْزٍ فِي قِشْرِهِ وَكَقَمْحٍ فِي سُنْبُلِهِ وَبِزْرِ كَتَّانٍ فِي جَوْزِهِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ جُزَافًا؛ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ وَيَصِحُّ كَيْلًا، وَأَمَّا شِرَاءُ مَا ذُكِرَ مَعَ قِشْرِهِ فَيَجُوزُ جُزَافًا وَلَوْ بَاقِيًا فِي شَجَرِهِ لَمْ يُقْطَعْ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ، وَلَمْ يَسْتَتِرْ بِوَرَقِهِ، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَعْضِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ) كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ (نَخْلَةً مِنْ نَخِيلٍ كَثِيرَةٍ) إذَا لَمْ تَكُنْ بَاكُورَةً.
قَالَ خَلِيلٌ: وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ كَافٍ فِي جِنْسِهِ إنْ لَمْ تُبْكِرْ. وَأَمَّا الْبَاكُورَةُ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا وَحْدَهَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ غَيْرِهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَيَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرِهَا وَحْدَهَا.
وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ أَنَّ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبَلَحِ لَا يَكْفِي فِي حِلِّ بَيْعِ نَحْوِ الْعِنَبِ، وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْمَقَاثِي وَالثَّمَرِ، وَأَمَّا بُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِ الزَّرْعِ فَلَا يَكْفِي فِي حِلِّ بَيْعِ بَاقِيهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ يُبْسِ حَبِّ جَمِيعِ الزَّرْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَرِ وَالْمَقَاثِي يُكْتَفَى بِبُدُوِّ صَلَاحِ بَعْضِ الْجِنْسِ، وَالزَّرْعُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إذْ إنَّ الثَّمَرَ إذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ يَتْبَعُهُ الْبَاقِي سَرِيعًا، وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْقِثَّاءِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ، وَلِشِدَّةِ حَاجَةِ النَّاسِ لِأَكْلِ الثِّمَارِ رَطْبَةً.
١ -
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَا يَبْدُو بِهِ الصَّلَاحُ وَبَيَّنَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ فِي الْبَلَحِ الزُّهُوُّ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ، وَهُوَ احْمِرَارُهُ أَوْ اصْفِرَارُهُ، وَيَقُومُ مَقَامَ الزُّهُوِّ ظُهُورُ الْحَلَاوَةِ فِي الْبَلَحِ الْخُضَارِيِّ، وَأَمَّا بُدُوُّهُ فِي نَحْوِ الْعِنَبِ وَالتِّينِ وَالْمِشْمِشِ فَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ وَفِي الْمَوْزِ بِالتَّهَيُّؤِ لِلنُّضْجِ، وَفِي ذِي النَّوْرِ بِفَتْحِ النُّونِ بِانْفِتَاحِهِ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ، وَفِي الْبُقُولِ وَاللُّفْتِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْبَصَلِ بِإِطْعَامِهَا وَاسْتِقْلَالِ وَرَقِهَا بِحَيْثُ لَا تَفْسُدُ عِنْدَ قَلْعِهَا، وَأَمَّا الْبِطِّيخُ الْمَعْرُوفُ بالعبدلاوي وَالْقَاوُونِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَصْفَرَّ. وَالثَّانِي يُكْتَفَى بِتَهَيُّئِهِ لِلِاصْفِرَارِ، وَأَمَّا الْبِطِّيخُ الْأَخْضَرُ فَبُدُوُّ صَلَاحِهِ بِتَلَوُّنِ لُبِّهِ بِالسَّوَادِ أَوْ الْحُمْرَةِ، وَأَمَّا قَصَبُ السُّكَّرِ فَبِظُهُورِ حَلَاوَتِهِ، وَأَمَّا الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ، وَمَا شَابَهَهُمَا فَبِأَخْذِهِ فِي الْيُبْسِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْقَمْحِ وَالْفُولِ وَالْعَدَسِ وَنَحْوِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحُبُوبِ فَبُدُوُّ صَلَاحِهِ يُبْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهِ فَرِيكًا فُسِخَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِقَبْضِهِ بَعْدَ جَذِّهِ قَالَ خَلِيلٌ: وَمَضَى بَيْعُ حَبِّ أَفْرُكٍ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ، وَأَقُولُ: الضَّابِطُ الشَّامِلُ لِكُلِّ مَا سَبَقَ أَنْ يَبْلُغَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحَالَةَ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ.
الثَّانِي: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الَّذِي يَطْرَحُ بُطُونًا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مُحَصَّلُهُ أَنَّ مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ مِمَّا يُخَالِفُ كَالْيَاسَمِينِ، وَالْمَقَاثِي كَالْخِيَارِ فَلِلْمُشْتَرِي جَمِيعُ الْبُطُونِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَا تَطْرَحُهُ الْمَقْثَأَةُ مُدَّةَ نَحْوِ جُمُعَةٍ أَوْ نِصْفِ شَهْرٍ لِعَدَمِ ضَبْطِ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ بِأَنْ تُقْطَعَ الْبَطْنُ ثُمَّ تَخْلُفُهَا أُخْرَى فَحُكْمُهُ أَنْ تُبَاعَ كُلُّ بَطْنٍ عَلَى حِدَتِهَا، وَلَا يَكْفِي فِي حِلِّ بَيْعِ بَطْنٍ بُدُوُّ صَلَاحِ أُخْرَى.
قَالَ خَلِيلٌ: لَا بَطْنَ ثَانٍ أَوَّلُ هَذَا حُكْمُ الْبُطُونِ الَّتِي تَأْتِي وَتَنْقَطِعُ أَصْلًا، وَبَقِيَ حُكْمُ مَا تَسْتَمِرُّ ثَمَرَتُهُ زَمَنًا طَوِيلًا فَهَذَا يَجِبُ عِنْدَ بَيْعِهِ ضَرْبُ الْأَجَلِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ إنْ اسْتَمَرَّ كَالْمَوْزِ.
الثَّالِثُ: مَا قَرَرْنَاهُ مِنْ نَصْبِ " نَخْلَةً " عَلَى الْخَبَرِيَّةِ لِكَانَ الْمُضْمَرَةِ هُوَ الظَّاهِرُ لِكَثْرَةِ حَذْفِهَا مَعَ اسْمِهَا بَعْدَ إنْ وَلَوْ الشَّرْطِيَّتَيْنِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ رَفْعُهَا، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ عَلَى جَعْلِهِ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَإِنْ بَدَا نَخْلَةٌ أَيْ صَلَاحُ نَخْلَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ اسْتِحْسَانِ الرَّفْعِ.
وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِلْمُهُ: (لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الْأَنْهَارِ) جَمْعُ نَهْرٍ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهِيَ الْبِحَارُ.
(وَ) مَا فِي (الْبِرَكِ مِنْ الْحِيتَانِ) لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَكَذَلِكَ الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ وَالنَّحْلُ خَارِجًا عَنْ الْجَبْحِ؛ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَتَسَلُّمِهَا. وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّحْلُ فِي جَبْحِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ بِدُونِ جَبْحِهِ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَصَافِيرِ بِقَفَصِهَا لَكِنْ مَذْبُوحَةً وَأَمَّا حَيَّةٌ فَلَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا مَعَ طَرَفِهَا فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ تَابِعٌ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ النَّحْلِ فِي جَبْحِهِ وَيُدَخِّلُ الْجَبْحُ تَبَعًا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ عَلَى الْجَبْحِ وَسَكَتَ عَنْ النَّحْلِ أَنَّهُ يَدْخُلُ النَّحْلُ وَلَا يَدْخُلُ الْعَسَلُ فِي الصُّرَّتَيْنِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ قَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلٍّ مَحْصُورٍ كَبِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا وَيُقْدَرُ عَلَى تَنَاوُلِهَا، وَإِلَّا جَازَ.
(تَنْبِيهٌ) . تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَسَكَتَ عَنْ جَوَازِ اصْطِيَادِهِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْغَيْرِ، وَأَرَادَ غَيْرُ الْمَالِكِ لِلْأَرْضِ اصْطِيَادَ مَا فِيهَا فَفِي مَنْعِهِ خِلَافٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَالِكِ