فِي ظُهُورِ الْإِبِلِ
وَلَا بَيْعُ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ.
وَنُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْكِلَابِ، وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ مَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ.
وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ.
وَلَا بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إمَّا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا
ــ
[الفواكه الدواني]
الْأَرْضِ مَنْعُ الِاصْطِيَادِ مِنْهَا إلَّا فِي صُورَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ اصْطِيَادُ الْغَيْرِ يَضُرُّ صَاحِبَ الْأَرْضِ، كَأَنْ تَكُونَ الْبِرْكَةُ فِي وَسَطِ زَرْعِ صَاحِبِ الْأَرْضِ.
(وَلَا) يَجُوزُ أَيْضًا (بَيْعُ الْجَنِينِ) حَالَ كَوْنِهِ (فِي بَطْنِ أُمِّهِ) وَلَا بَيْعُ أُمِّهِ مَعَ اسْتِثْنَائِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يُسْتَثْنَى بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ، وَعِلَّةُ الْحُرْمَةِ فِي الْبَيْعِ الْغَرَرُ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْأُمِّ يَسْرِي إلَى جَنِينِهَا لِخَبَرِ: «كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا» . (وَلَا) يَجُوزُ أَيْضًا (بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ) مَحْضُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ (وَلَا بَيْعُ نِتَاجِ مَا تُنْتَجُ) بِضَمِّ التَّاءِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ عَلَى لَفْظِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي بِمَعْنَى الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ (النَّاقَةُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُبَاعُ حَبَلُ الْحَبَلَةِ» فَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ بِنِتَاجِ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ جَنِينُ الْجَنِينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَنْعُ بَيْعِ الْجَنِينِ فَكَيْفَ بِجَنِينِ الْجَنِينِ، وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ حَبَلَ الْحَبَلَةِ بِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ الصَّغِيرِ وَتَأْجِيلُ ثَمَنِهِ لِيَكُونَ مِنْ نِتَاجِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا أَيْضًا، وَلَا مَفْهُومَ لِلنَّاقَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ.
(وَلَا) يَجُوزُ أَيْضًا (بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْإِبِلِ) الْمُرَادُ الْفُحُولُ مُطْلَقًا بِأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْفَحْلِ لِصَاحِبِ النَّاقَةِ مَثَلًا: أَبِيعُك مَا يَتَكَوَّنُ مِنْ مَاءِ فَحْلِي هَذَا فِي بَطْنِ نَاقَتِك أَوْ نَاقَتِي، لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ النَّهْيِ عَنْ عَسِيبِ الْفَحْلِ، وَخَبَرُ الْمُوَطَّإِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا: «أَلَّا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ» ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ ثَلَاثَةٍ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: الْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ، وَالْمَلَاقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ يُنْتَجَ نِتَاجُ النَّاقَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ.
(وَلَا) يَجُوزُ أَيْضًا (بَيْعُ) الْعَبْدِ (الْآبِقِ وَلَا الْبَعِيرِ الشَّارِدِ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ، وَشَرْطُ صِحَّةِ عَقْدِ الْبَيْعِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ: بَيْعُ الْآبِقِ فِي إبَاقِهِ فَاسِدٌ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَيُفْسَخُ، وَإِنْ قُبِضَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُقَيَّدًا بِبَلَدٍ وَحُبِسَ لِصَاحِبِهِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ مَوْثُوقًا وَحُبِسَ لِصَاحِبِهِ جَازَ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ وَيَكُونُ تَحْصِيلُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَيُؤَخَّرُ قَبْضُ الثَّمَنِ إلَى حِينِ الْقَبْضِ.
قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: تَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ وَتَأَمَّلْ هَذَا الضَّعِيفَ مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ: وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الْآبِقَ عِنْدَ رَجُلٍ جَازَ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُوصَفُ لَهُ إذَا وُصِفَ لِلسَّيِّدِ أَيْضًا حَالُهُ الْآنَ وَصِفَتُهُ إنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يَتَغَيَّرَ فِيهِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ صِفَتَهُ لَا إنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْقُرْبِ وَالْمُشْتَرِي يَعْرِفُ صِفَتَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْوَصْفِ، وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَا نَقْدَ الثَّمَنِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْكَائِنِ عِنْدَهُ الْآبِقُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْإِمَامِ، وَمِثْلُهُ مَنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَى مَا فِي يَدِهِ، فَإِنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُلَخَّصُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ.
(وَنَهَى) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهْيَ تَحْرِيمٍ (عَنْ بَيْعِ الْكِلَابِ) وَالْمَنْعُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ بِدَلِيلِ (وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ مَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ مِنْهَا) عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ، وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ وَعَدَمُ نَهْيٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ، وَالْكَرَاهَةُ رَوَاهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَلَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ، وَإِنْ نُقِلَتْ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَالْجَوَازُ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٍ حَتَّى قَالَ سَحْنُونٌ: أَبِيعُهُ وَأَحُجُّ بِثَمَنِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى النَّهْيِ الْمَذْكُورِ مَا فِي مُسْلِمٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ مَا تَأْخُذُهُ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا، وَسُمِّيَ مَهْرًا مَجَازًا، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى كِهَانَتِهِ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَثْمَانُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَبِيثَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ عَلَى الْجَاهِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ، وَإِبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْكِلَابِ لَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا، فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَعَقَدَ عَلَى الْكَلْبِ فَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُفْسَخُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْفَسْخَ، وَإِنْ طَالَ، وَعَنْ ابْنِ نَاجِي الْمُضِيُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالْجَوَازِ، هَذَا حُكْمُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهٍ، وَهُوَ كَلْبُ الزَّرْعِ وَالْحِرَاسَةِ وَالصَّيْدِ وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ تَعَدِّيًا لِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ قَتْلُهُ، وَلَمَّا كَانَ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ حُرْمَةِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ قَالَ: (وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْكَلْبَ الْمَأْذُونَ فِيهِ (فَعَلَيْهِ) غُرْمُ (قِيمَتِهِ) يَوْمَ قَتْلِهِ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَغُرْمِ قِيمَةِ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ حُرْمَةِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ وَلِذَلِكَ قَالُوا: لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ لَا يَبِيعُ ثَوْبَهُ مَثَلًا فَحَرَقَهُ شَخْصٌ وَأَخَذَ الْحَالِفُ قِيمَتَهُ لَا حِنْثَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ.
(وَ) كَذَلِكَ (لَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ أَيْضًا (بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) حَيْثُ كَانَ (مِنْ جِنْسِهِ) وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ لِلْمُزَابَنَةِ، وَهِيَ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ إنْ لَمْ يُطْبَخْ، وَأَمَّا بَيْعُ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ، كَبَيْعِ لَحْمِ طَيْرٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ