للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ يَدِ مُبْتَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ

وَمَنْ غَصَبَ أَمَةً ثُمَّ وَطِئَهَا فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ

وَإِصْلَاحُ السُّفْلِ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْخَشَبُ لِلسَّقْفِ عَلَيْهِ وَتَعْلِيقُ الْغُرَفِ عَلَيْهِ إذَا وَهِيَ السُّفْلُ وَهُدِمَ حَتَّى يُصْلَحَ وَيُجْبَرَ عَلَى أَنْ يُصْلِحَ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يُصْلِحُ وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فَلَا يَفْعَلُ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ مِنْ فَتْحِ كُوَّةٍ قَرِيبَةٍ يَكْشِفُ جَارَهُ مِنْهَا أَوْ فَتْحِ بَابٍ قُبَالَةَ بَابِهِ أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا أَنَّ الْغَلَّةَ لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ رَدُّهَا إلَّا إذَا رُدَّتْ الذَّاتُ الْمَغْصُوبَةُ، وَأَمَّا لَوْ فَاتَتْ وَلَزِمَ الْغَاصِبَ قِيمَتُهَا فَلَا يُتْبَعُ بِغَلَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ قِيمَتَهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ، فَقَدْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ اسْتَغَلَّ مِلْكَهُ.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ رَدِّ الْغَاصِبِ الْغَلَّةَ، وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ إنَّمَا يَرُدُّ الزَّائِدَ مِنْهَا عَلَى النَّفَقَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ أَيْ مَحْصُورٌ فِيهَا لَا يَتَجَاوَزُهَا إلَى الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ غَلَّةٌ ضَاعَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا فِي الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ، وَلَا يُقَالُ: هُوَ قَدْ قَامَ عَنْ رَبِّهَا بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ دَاخِلٌ مَحَلَّ ضَيَاعِ مَالِهِ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، وَمَا نَقَلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْأُجْهُورِيُّ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ فَرَاجِعْهُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

الثَّالِثُ: إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ لَك ظَهَرَ لَك مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ فِي رَدِّ الْغَلَّةِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ لُزُومَ رَدِّهَا بِرَدِّ الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ لُزُومَهَا أَيْضًا بِالِاسْتِعْمَالِ كَمَا قَالَ خَلِيلٌ، وَلَمَّا كَانَ الْغَاصِبُ ظَالِمًا لَا حَقَّ لِتَعَبِهِ كُلِّفَ بِرَدِّ الْغَلَّةِ، بِخِلَافِ صَاحِبِ الشُّبْهَةِ لَا ظُلْمَ عِنْدَهُ فَلِذَا لَا يَرُدُّهَا كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَرُدُّهَا) أَيْ الْغَلَّةَ (غَيْرُ الْغَاصِبِ) وَالْمُرَادُ بِهِ صَاحِبُ الشُّبْهَةِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ، وَمِثْلُهُ مَوْهُوبُهُ وَمِثْلُهُ مَجْهُولُ الْحَالِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ الْقَابِلِ لِلْهِبَةِ مِنْ الْغَاصِبِ مَعَ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْغَصْبِ فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ، بِخِلَافِ وَارِثِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ لَا يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ، وَلَمَّا كَانَ الْوَلَدُ غَيْرَ غَلَّةٍ قَالَ: (وَالْوَلَدُ) مُبْتَدَأٌ وَصِفَتُهُ (فِي الْحَيَوَانِ) الْبَهِيمِيِّ.

(وَ) كَذَا (فِي الْأَمَةِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ الْحُرُّ بِأَنْ كَانَ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ الرَّقِيقُ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ (يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْأُمَّهَاتِ مِنْ يَدِ مُبْتَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ بَلْ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ مِنْ أُمِّهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ يَدِ الْحَائِزِ لَهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالسَّيِّدِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ حُرٌّ بِاتِّفَاقِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ

وَلَمَّا كَانَ وَاطِئُ الْأَمَةِ غَصْبًا لَيْسَ كَوَاطِئِ الْحُرَّةِ فِي لُزُومِ الصَّدَاقِ لَهُ قَالَ: (وَمَنْ غَصَبَ أَمَةً) لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ (ثُمَّ وَطِئَهَا فَوَلَدُهُ) مِنْهَا (رَقِيقٌ) لِسَيِّدِهَا (وَعَلَيْهِ الْحَدُّ) وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهَا بِوَطْئِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْحَدُّ لِصِدْقِ الزَّانِي عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوَاطِئُ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ تَعَمُّدًا، وَالْمُرَادُ بِالْغَصْبِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقَهْرُ عَلَى الْوَاطِئِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَ ذَاتِهَا

وَلَمَّا كَانَ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْأَعْلَى وَصَاحِبِ السُّفْلِ مُنَاسَبَةٌ فِي الْقَضَاءِ قَالَ: (وَإِصْلَاحُ السُّفْلِ) الْوَاهِي إذَا كَانَ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لِأَجْنَبِيٍّ (عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْخَشَبِ) الْمُعَدِّ (لِلسَّقْفِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَرْضٌ لِلْأَعْلَى.

(وَ) كَذَا (تَعْلِيقُ الْغُرَفِ) الْكَائِنَةِ عَلَى سَقْفِهِ الْأَسْفَلِ لِغَيْرِهِ. (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ (إذَا وَهِيَ) أَيْ ضَعُفَ (السُّفْلُ وَهُدِمَ) أَيْ أَوْ انْهَدَمَ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَيَسْتَمِرُّ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ (حَتَّى يُصْلِحَ) الْوَاهِيَ أَوْ يُعِيدَ الْمُنْهَدِمَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ وَالسَّقْفُ وَكَنْسُ مِرْحَاضٍ، وَإِنَّمَا لَزِمَ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِهِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْأَسْفَلَ أَرْضٌ لِلْأَعْلَى، وَلِذَا يَلْزَمُهُ سَقْفُهُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْأَعْلَى هَكَذَا مَوْضُوعًا عَلَى الْأَسْفَلِ، أَوْ بَاعَهُ هَوَاءً عَلَى ظَهْرِ الْأَسْفَلِ، وَلَا يُمْكِنُ الْبُنْيَانُ فِي الْهَوَاءِ إلَّا بَعْدَ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ، وَلِذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ مَعَ صَاحِبِ الْأَعْلَى فِي السَّقْفِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ، بِخِلَافِ الْبَلَاطِ الْكَائِنِ فَوْقَ السَّقْفِ فَلَا يُقْضَى بِهِ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ، وَلَا يُقْضَى لَهُ بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَأَشَارَ خَلِيلٌ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ: وَبِالسَّقْفِ لِلْأَسْفَلِ وَبِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ لَا لِلْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا إلَّا لِقَرِينَةٍ، وَلَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ، لِتَنَزُّلِ نَاظِرِ الْوَقْفِ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ، فَإِذَا كَانَ الْأَعْلَى مَمْلُوكًا وَالْأَسْفَلُ مَوْقُوفًا لَزِمَ النَّاظِرَ إصْلَاحُ الْأَسْفَلِ لِحِفْظِ الْأَعْلَى.

(وَ) إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ مِنْ الْإِصْلَاحِ أَوْ التَّعْلِيقِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (يُجْبَرُ) بِالْقَضَاءِ (عَلَى أَنْ يُصْلِحَ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يُصْلِحُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا سَقَطَ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهُدِمَ أُجْبِرَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَهُ أَوْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ مِنْ بِنَاءِ عُلُوِّهِ، فَإِنْ بَاعَهُ لِشَخْصٍ وَامْتَنَعَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْإِصْلَاحِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يُصْلِحُ وَهَكَذَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَسْفَلِ مَا نَزَلَ عَنْ غَيْرِهِ لِيَشْمَلَ الْأَوْسَطَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَوْقَهُ، وَمِثْلُ صَاحِبِ الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى الشُّرَكَاءُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَطَاحُونٍ وَحَمَّامٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقُضِيَ عَلَى شَرِيكٍ فِيمَ لَا يَنْقَسِمُ أَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يُعَمِّرُ كَذِي سُفْلٍ إنْ وَهِيَ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>