للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيَحْمَدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيَخْتِمَ الْمِائَةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

وَعِنْدَ الْخَلَاءِ تَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي لَذَّتَهُ وَأَخْرَجَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ وَأَبْقَى فِي جِسْمِي قُوَّتَهُ

وَتَتَعَوَّذُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَخَافُهُ وَعِنْدَمَا تَحِلُّ بِمَوْضِعٍ أَوْ تَجْلِسُ بِمَكَانٍ أَوْ تَنَامُ فِيهِ تَقُولُ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ التَّعَوُّذِ أَنْ تَقُولَ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ

ــ

[الفواكه الدواني]

الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَبَيْنَ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عَمَلًا بِالْحَدِيثَيْنِ.

قَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَصَدَّقَ وَلَوْ بِالْقَلِيلِ عِنْدَ خُرُوجِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا يَنْدُبُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فَقَالَ: (وَمِمَّا رُوِيَ) عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَذْكَارِ (فِي دُبُرِ) بِضَمِّ الدَّالِ وَالْبَاءِ أَيْ عَقِبَ (كُلِّ صَلَاةٍ) مَفْرُوضَةٍ (أَنْ تُسَبِّحَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) تَسْبِيحَةً (وَتُكَبِّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) تَكْبِيرَةً (وَتَحْمَدَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (اللَّهَ) تَعَالَى (ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) تَحْمِيدَةً (وَتَخْتِمَ الْمِائَةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وَفِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ إسْقَاطُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَإِذَا حَصَلَ لِلْإِنْسَانِ الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ فَيَحْتَاطُ وَيُكْمِلُ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعَدَدِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ تَقْدِيمُ التَّكْبِيرِ عَلَى التَّحْمِيدِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ التَّكْبِيرَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَاطَ بِثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَمِثْلُهَا تَحْمِيدَاتٍ وَبِأَرْبَعٍ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً وَيَقُولَ مَعَهَا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بِأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الْمُعَقِّبَاتِ لِكَوْنِهَا تُقَالُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فَائِدَةَ هَذَا الذِّكْرِ أَنَّهُ تُغْفَرُ بِهِ الذُّنُوبُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ سَبَبَ مَشْرُوعِيَّتِهِ «مَجِيءُ الْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا لَهُ: قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ مِثْلَنَا وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ وَنَحْنُ فُقَرَاءُ لَا نَتَصَدَّقُ وَلَا نُعْتِقُ، فَقَالَ لَهُمْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ.

قَالَ أَبُو صَالِحٍ: «فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَمِعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الْأَمْوَالِ، فَقَالُوا مِثْلَ مَا قُلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: ٥٤] » .

ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا يَطْلُبُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْخَلَاءِ بِقَوْلِهِ: (وَ) مِمَّا يُطْلَبُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (عِنْدَ) خُرُوجِك مِنْ (الْخَلَاءِ) بِالْمَدِّ وَهُوَ مَوْضِعُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَنْ (تَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي لَذَّتَهُ) أَيْ الطَّعَامُ الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ (وَأَخْرَجَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ) الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهُ لَوْ بَقِيَ بَعْدَ خُبْثِهِ. (وَأَبْقَى فِي جِسْمِي قُوَّتَهُ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ نَحْوِ غُفْرَانُكَ، قَالَ فِي الْمُعَارَضَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: اللَّهُمَّ غُفْرَانُكَ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا» وَبِذَلِكَ سُمِّيَ نُوحٌ عَبْدًا شَكُورًا.

١ -

(تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُنْدَبُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ التَّعَوُّذُ مِنْ ذُكْرَانِ الشَّيَاطِينِ وَمِنْ إنَاثِهِمْ.

(فَائِدَةٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَلَاءَ اسْمٌ لِلْمَحَلِّ الَّذِي تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ، فَقَوْلُ الْعَامَّةِ بَيْتُ الْخَلَاءِ مِنْ قَبِيلِ الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ أَيْ بَيْتٌ هُوَ الْخَلَاءُ، وَسُمِّيَ بِالْخَلَاءِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ حِينَ اسْتِقْرَارِهِ فِيهِ يَكُونُ خَالِيًا عَنْ النَّاسِ.

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ قَصْرُ التَّعَوُّذِ فِي الْخَلَاءِ قَالَ: (وَ) يُسْتَحَبُّ لَك أَنْ (تَتَعَوَّذَ) أَيْ تَتَحَصَّنُ (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَخَافُهُ) مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَنْتَ سَائِرٌ. (وَ) كَذَا (عِنْدَمَا تَحِلُّ بِمَوْضِعٍ أَوْ تَجْلِسُ بِمَكَانٍ أَوْ تَنَامُ فِيهِ) بِأَنْ (تَقُولَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) ثَلَاثًا كَمَا فِي مُسْلِمٍ فَإِنَّك إنْ قُلْت ذَلِكَ عِنْدَ الْمَسَاءِ وَلَوْ لَدَغَتْك عَقْرَبٌ أَوْ غَيْرُهَا لَمْ تَضُرَّك لَدْغَتُهَا كَمَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنْ قَالَهَا مُسَافِرٌ ثَلَاثًا عِنْدَ نُزُولِهِ لَمْ يَزَلْ مَحْفُوظًا حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَدْ جَرَّبْتُهُ أَحَدَ عَشَرَ عَامًا فَوَجَدْته صَحِيحًا، وَمَعْنَى التَّامَّاتِ الْبَالِغَةُ الْغَايَةِ فِي الْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مُعْجِزُ الْبَشَرِ، وَوَصْفُ كَلِمَاتِ اللَّهِ بِالتَّامَّاتِ مِنْ بَابِ الْوَصْفِ الْكَاشِفِ لَا الْمُخَصِّصِ لِأَنَّ كَلِمَاتِهِ كُلَّهَا تَامَّاتٌ، وَالْمُرَادُ بِمَا خَلَقَ كُلُّ مَخْلُوقٍ لَهُ شَرٌّ، وَمَعْنَى أَعُوذُ أَسْتَجِيرُ وَأَتَحَصَّنُ وَأَعْتَصِمُ، وَهَذَا حَدِيثٌ خَرَّجَهُ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ. (وَمِنْ) صِيَغِ (التَّعَوُّذِ) الْوَارِدَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا (أَنْ تَقُولَ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ) أَيْ ذَاتُهُ الْكَرِيمَةُ (وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّذِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ) أَيْ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى مَنْ تَحَصَّنَ بِهِنَّ مَكْرُوهٌ مِنْ بَرٍّ أَوْ مَكْرُوهٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>