للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦) [ال عمران] .

والظلام الذي ران على الأفئدة والعقول في غيبة أنوار التوحيد، طوى في سواده أيضا تقاليد الجماعة وأنظمة الحكم، فكانت الأرض مذأبة يسودها الفتك والاغتيال، ويفقد فيها الضّعاف نعمة الأمان والسكينة.

وأيّ خير يرجى في أحضان وثنية كفرت بالعقل، ونسيت الله، ولانت في أيدي الدجّالين؟!.

لا غرابة إذا رفع الله عنها يده كما جاء في الحديث: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم؛ إلا بقايا من أهل الكتاب ... » «١» .

وهذه البقايا هي التي ظلّت مستعصية على الشرك برغم طوفان الكفر الذي طمّ البقاع والتلاع.

لقد عمّت الدنيا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم حيرة وبؤس، ناءت بهما الكواهل:

أتيت والنّاس فوضى لا تمرّ بهم ... إلّا على صنم قد هام في صنم

فعاهل الرّوم يطغى في رعيّته ... وعاهل الفرس من كبر أصمّ عمي «٢»

حتّى تأذّن الله ليحسمنّ هذه الاثار، وليسوقنّ هدايته الكبرى إلى الأنام، فأرسل إلى الأمة محمدا عليه الصلاة والسلام.


(١) من حديث طويل رواه مسلم في صحيحه.
(٢) الأبيات لشوقي من قصيدته المشهورة (نهج البردة) . (ن) .

<<  <   >  >>