بيد أنّ القرائن تجمّعت على أنّ ما قيل حقّ، فخرجت قريش تطلب الأنصار ففاتوهم، ولم يدركوا غير سعد بن عبادة.
فعادوا به مغلولة يداه إلى عنقه، وأخذوا يجذبونه من شعره، ويلكزونه، فأنقذه منهم جبير بن مطعم، والحارث بن حرب، إذ كان (سعد) يجير لهما قوافلهما المارة بالمدينة.
- المصنف روى أول الحديث هنا بالمعنى، وهو غير متفق مع لفظ الحديث إذا تؤمل فيه بدون تأثر بأمر خارجي، ولفظه: «فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أزبّ العقبة هذا ابن أزب. استمع أي عدوّ الله! أما والله لأفرغنّ لك» . فهذا السياق لا يمكن أن يفهم منه أن (الشيطان) المعرّف باللام هو رجل من المشركين، وأيضا يبعد جدا أن يخاطب عليه الصلاة والسلام هذا الرجل بقوله: «أي عدو الله لأفرغن لك» . ويؤيد ما ذكرنا رواية الطبراني لهذه القصة عن عروة مرسلا، وفيها: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرعكم هذا الصوت، فإنه عدو الله إبليس؛ ليس سمعه أحد ممن تخافون» ؛ وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصرخ بالشيطان: «يا بن أزب! هذا عملك فسأفرغ لك» . قال الهيثمي (٦/ ٤٧) : «وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف» .