للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد صلى الله عليه وسلم منكم. إنّ القرابة الروحية والعقلية هي الرباط الوحيد بين محمد عليه الصلاة والسلام ومن يمتّون إليه.

فأنّى للأرواح المريضة والعقول الكليلة أن تتصل بمن جاء ليودع في الأرواح والعقول عافية الدين والدنيا؟!.

أهذا الجوار اية حبّ ووسيلة مغفرة؟!.

إنك لن تحبّ لله إلا إذا عرفت أولا الله الذي تحبّ من أجله!! فالترتيب الطبيعيّ أن تعرف قبل كل شيء: من ربّك؟ وما دينك؟ فإذا عرفت ذلك- بعقل نظيف- وزنت- بقلب شاكر- جميل من بلّغك عن الله، وتحمّل العنت من أجلك، وذلك معنى الأثر: «أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبّوني بحبّ الله..» «١» ، ومعنى الاية:

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) [ال عمران] .

ثم إن نبيّ الإسلام لم ينصّب نفسه (بابا) يهب المغفرة للبشر، ويمنح البركات، إنه لم يفعل ذلك يوما ما، لأنه لم يشتغل بالدجل قط.

إنه يقول لك: تعال معي؛ أو اذهب مع غيرك من الناس، لنقف جميعا في ساحة ربّ العالمين نناجيه: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧) [الفاتحة] .


(١) هذا حديث ضعيف الإسناد، أخرجه الترمذي: ٤/ ٣٤٣- ٣٤٤، بشرح التحفة؛ والحاكم: ٣/ ١٥٠؛ وأبو نعيم في حلية الأولياء: ٣/ ٢١١؛ والخطيب في تاريخه: ٤/ ١٦٠، من طريق هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعا به، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه» ، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي. وهذا من تساهلهم جميعا لا سيما الذهبي، فقد أورد النوفلي هذا في (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) ، وقال فيه: «فيه جهالة. ما حدث عنه سوى هشام بن يوسف» ثم ساق له هذا الحديث، فأنّى له الصحة؟! وقد تفرّد به هذا المجهول، ولم يوثقه أحد، ولذا قال فيه الحافظ ابن حجر في (التقريب) : إنه (مقبول) ، يعني: عند المتابعة، فأنّى المتابع له؟! ولذلك فقد أصاب ابن الجوزي حين قال: «هو غير صحيح» كما نقله المناوي في (فيض القدير) ، وتعقبه بما لا طائل تحته!. نقول: ومع نقد الأستاذ لهذا الحديث فنحن نقبله؛ لأنّ معناه يوافق الاية، ولأنه في الفضائل.

<<  <   >  >>