هذه حرارة الإيمان غمرت- بدفئها- الرجل، وجعلته ينفذ في كبد الليل البارد وكأنّه سهم مسدّد.
هذا الإيمان المرتكز على العواطف المتقدة، هو الذي أشعل المعارك الطاحنة، وقاد إلى النصر المظفّر، وهو الذي هدم ما تركّز قرونا طويلة من سلطان الظلم والبغي، بعد ما ظنّ أنه لن يطاح به أبدا.
وأساسه ما علمت، من تغلغل الإيمان في العقل والعاطفة معا، يغذو شجرته الباسقة مزيد من معرفة الله والشعور بعظمته ونعمته.
ذلكم أسلوب القران في تعريف الناس بالله؛ إنّه أسلوب يقيمهم على عبودية الحب والتفاني، لا على عبودية التحقير والهوان، عبودية الإعجاب بالعظمة، والإقرار بالإحسان، لا العبودية المبهمة التي تصادر الإرادة، وتزري بالإنسان.
إنّ هذا التساؤل المتواصل السريع، يفتح على النفس افاقا بعيدة من الإيمان الذكي، ويجعلها تهرع إلى الله متجرّدة، تنفر من شوائب الشرك نفور الرجال الكبار من عبث الصبية.
وايات النظر والتفكير يدور- أغلبها- على هذا المحور الثابت.
وربّما احتاجت النفس- في ساعات غرورها- إلى لون من أدب القمع والتوعد يكبح جماحها، وهذا لا يتنافى- ألبتة- مع الأصل الذي قرّرناه انفا، فإنّ قسوة الأب مع ولده- حينا- لا تغيّر من طبيعة الحنان فيه.
والقران إذ يحرّك المواهب السامية في الإنسان- بعرض اثار القدرة العليا