ومن أولئك الذين نفّذ فيهم العقاب (كعب بن الأشرف) ؛ فإنّ كعبا هذا سافر إلى مكة- من المدينة- يواسي مشركيها المهزومين في بدر، ويحرّضهم على إدراك ثأرهم من محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته، وهو الذي سأله أبو سفيان: أناشدك الله، أديننا أحبّ إلى الله أم دين محمد وأصحابه؟ وأيّنا أهدى إلى ربك وأقرب إلى الحق؟
إننا نطعم الجزور الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونطعم ما هبّت الشمال!.
وعاد كعب إلى المدينة سافر العداوة، بعيد الجراءة، حتى إنّه صاغ قصائد الغزل في بعض النّساء المسلمات.. وليس بعد ذلك صبر، فأهدر المسلمون دمه.
وبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم من استنزله من حصنه ليلقى جزاءه الحق.
ذهب إليه (محمد بن مسلمة) و (أبو نائلة) بعد ما استأذنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقولا فيه ما يطمئن اليهودي إلى تبرّمهما بالإسلام، أتاه محمد بن مسلمة، فقال له: إنّ هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنّانا، وإنّي قد أتيتك أستسلفك!!. قال كعب: والله لتملّنه! قال: إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا. قال: نعم، ارهنوني، قال:
أيّ شيء تريد؟ قال: ارهنوني نساءكم! قال: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟. قال: فترهنوني أبناءكم، قال: يسب ابن أحدنا فيقال: رهن في وسق أو وسقين من تمر!! ولكن نرهنك السلاح.
وصنع أبو نائلة ما صنع محمد بن مسلمة؛ قال لليهودي: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء! عادتنا العرب، ورمتنا عن قوس واحدة، وقطعت علينا السبيل، حتى ضاع العيال، وجهدت الأنفس، وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، ودار الحوار على نحو ما دار مع ابن مسلمة، ورضي كعب- أخيرا- أن يسلفهم نظير ارتهان أسلحتهم.
وإلى هذا قصدوا، فإنّ كعبا لن ينكر السّلاح معهم وهو الذي طلبه منهم.
وفي ليلة مقمرة انطلقوا إلى حصنه ليتمّوا ما تواعدوا عليه، فقالت امرأته