للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّ الرجال الذي ثبتوا على الحق بعد رحيل نبيهم صلى الله عليه وسلم عنهم هم المسلمون حقّا، فإن الإسلام رباط بمبادئ لا بأشخاص، وقد علّم الله نبيّه وعلّم المسلمين في شخصه أن يلتزموا الحقّ الذي عرفوا، وأن يتشبثوا به مهما غولبوا وحوربوا.

والدنيا طافحة بأسباب الزيغ، وهي تحاول أولا ألا تبقي للإيمان مكانا بها، فإذا ظفر بكسب بعد طول عناء، حاولت أن تلاينه حتى ينزل عن شيء ويكتفي بشيء، ولو أفلحت في استدراجه إلى هذه المنزلة لأمكنها الإجهاز عليه، ولذلك جاءت أوامر الله في كتابه حاسمة تقضي بأن الإيمان كلّ لا يتجزأ، وأن مناجزة الكافرين، على هذه الحقيقة لا يجوز أن تهدأ، فلا بد من الاستمساك بهذه التعاليم المترابطة! والحبّ والبغض عليها، والمسالمة أو المحاربة دونها، فإن نصيب العاطفة في خدمة العقيدة، لا يقل عن نصيب العقل.

والايات الواردة في ذلك هي أوامر للمسلمين تنزلت في شكل خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٣) [الأحزاب] .

فليس الرسول صلى الله عليه وسلم مظنة أن يطيع الكافرين والمنافقين حتى ينبّه إلى التحرّز منهم، ولكننا نحن المعنيون بهذا الإرشاد.

ومن ذلك: وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ [القصص] .

لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم من بدء دعوته حربا على الشرك، وعلى الالهة الاخرى، ومنه تعلّم الناس هذه الخصومة، ويستحيل أن يتوقّع منه غيرها.

ومن ذلك: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) [الحجر] .

وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ [الكهف] .

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٩٥) [يونس] .

<<  <   >  >>