للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي قوبل به- إلا خسّة وخصاما، والبون بعيد بين أصناف الرجال، الذين عادوا الإسلام ورسوله. لقد كان (أبو جهل) خصما لدودا لكلّ من دخل هذا الدين، وكان طاغية عنيدا لا تنتهي لجاجته، إلا أنه كان كالضبع المفترس، لا يحسن الالتواء والوقيعة، حمل السيف في وضح النهار، وما زال يقاتل به حتى صرع.

أمّا عبد الله بن أبي فقد اختفى كالعقرب الخائنة، ثم شرع يلسع الغافلين، قبع هذا المنافق في جنح الظلام وبدأ ينفث الإشاعات المريبة.

وتدلّى- في غوايته- إلى حضيض بعيد، فلم يبال أن يتهجّم على الأعراض المصونة، وأن ينسج حولها مفتريات يندى لها جبين الحرائر العفيفات.

في عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق إلى المدينة، نبت حديث الإفك وشاع، واجتهد خصوم الله ورسوله أن ينقلوا شرره في كل مكان قاصدين- من وراء هذا الأسلوب الجديد في حرب الإسلام- أن يدمّروا على الرسول صلى الله عليه وسلم بيته، وأن يسقطوا مكانة أقرب الرّجال لديه، وأن يدعوا جمهور المسلمين- بعد ذلك- يضطرب في عماية من الأسى والغم!!.

وللوصول إلى هذه الغاية استباح ابن أبي لنفسه أن يرمي بالفحشاء سيدة لمّا تجاوز مرحلة الطفولة البريئة، لا تعرف الشرّ، ولا تهمّ بمنكر، ولا تحسن الحياة إلا في فلك النبوة العالي، وهي التي تربّت في حجر صدّيق، وأعدت لصحبة نبي في الدنيا والاخرة.

وتلقّف العامة هذا الحديث الغريب، وهم في غمرة الدهشة، لا يدرون مبلغ الخطر الكامن في قبوله ونقله.

وإليك سردا لهذا (الحديث) المفتعل على لسان السيدة التي تعرّضت له وبرّئت منه.

<<  <   >  >>