للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت: وكان كبر ذلك عند (عبد الله بن أبي) في رجال من الخزرج، مع الذي قال (مسطح) و (حمنة بنت جحش) وذلك أنّ أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه تناصيني في المنزلة عنده غيرها، فأما زينب فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا، وأما (حمنة) فأشاعت من ذلك ما أشاعت، تضارّني بأختها. فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة، قال أسيد بن حضير: يا رسول الله! إن يكونوا من (الأوس) نكفكهم، وإن يكونوا من إخواننا (الخزرج) فمرنا أمرك، فو الله إنّهم لأهل أن تضرب أعناقهم، فقام (سعد بن عبادة) - وكان قبل ذلك يرى رجلا صالحا- فقال: كذبت لعمر الله، ما تضرب أعناقهم، إنك ما قلت هذه المقالة إلا وقد عرفت أنّهم من الخزرج؛ ولو كانوا من قومك ما قلت هذا.

فقال أسيد: كذبت لعمر الله، ولكنّك منافق تجادل عن المنافقين.

وتساور الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيين شرّ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ، ودعا (عليّ بن أبي طالب) و (أسامة بن زيد) فاستشارهما، فأما (أسامة) فأثنى خيرا، ثم قال: يا رسول الله! أهلك، وما نعلم منهم إلا خيرا.

وهذا الكذب والباطل!.

وأما (عليّ) فقال: يا رسول الله! إنّ النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية فإنّها تصدقك.

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم (بريرة) يسألها، وقام إليها عليّ، فضربها ضربا شديدا وهو يقول: اصدقي رسول الله! فتقول: والله ما أعلم إلا خيرا، وما كنت أعيب على عائشة، إلا أنّي كنت أعجن عجيني، فامرها أن تحفظه، فتنام عنه فتأتي الشاة وتأكله!!.

قلت: ثم دخل عليّ رسول الله، وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

«يا عائشة! إنّه قد كان ما بلغك من قول النّاس، فاتقي الله، وإن كنت قد قارفت سوا مما يقول الناس، فتوبي إلى الله، فإنّ الله يقبل التوبة عن عباده» .

قالت: فو الله، إن هو إلا أن قال لي ذلك حتى قلص دمعي، فما أحسّ منه شيئا، وانتظرت أبواي أن يجيبا عني فلم يتكلّما!.

<<  <   >  >>