للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصبيان في الأطم، ومعي عمر بن أبي سلمة، فجعل يطأطئ لي، فأصعد على ظهره فأنظر. قال: فنظرت إلى أبي وهو يحمل مرة هنا ومرة هاهنا، فما يرتفع له شيء إلا أتاه، فلمّا أمسى وجاءنا إلى الأطم قلت: يا أبت، رأيتك اليوم وما تصنع، قال: رأيتني يا بني؟! قلت: نعم. قال الزبير- مدللا ولده-: فدى لك أبي وأمي.

في هذه الاونة العصيبة جاءت الأخبار أنّ بني قريظة نقضوا معاهدتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وانضمّوا إلى كتائب الأحزاب التي تحدق بالمدينة.

وذلك أن حيي بن أخطب- أحد النفر الذين حرّضوا قريشا وسائر العرب على حرب الإسلام- جاء إلى كعب بن أسد- سيد بني قريظة- وقرع عليه بابه، وكان كعب عند قدوم الأحزاب قد أغلق أبوابه، ومنع حصونه، وقرر أن يوفي بالعهد الذي بينه وبين المسلمين، فلا يعين عليهم خصما- وليته بقي على هذا العزم- إلا أنّ حييا لزم الباب وهو يصرخ بكعب: ويحك افتح لي، فقال له كعب: إنّك امرؤ مشؤوم، وإنّي قد عاهدت محمّدا فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاء وصدقا! قال حيي: ويحك افتح لي أكلمك، قال: ما أنا بفاعل، فقال حيي: والله إن أغلقت بابك دوني إلا خوفا على جشيشتك أن اكل معك منها!.

فأحفظ الرجل ففتح له..

ودخل حيي يقول: ويحك يا كعب، جئتك بعز الدهر وبحر طامّ! قال: وما ذاك؟ قال: جئتك بقريش على سادتها وقادتها، حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من (رومة) . وبغطفان على سادتها وقادتها حتى أنزلتهم إلى جانب (أحد) قد عاقدوني وعاهدوني على ألايبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه.

قال كعب: جئتني- والله- بذلّ الدهر، وبجهام قد هراق ماؤه، فهو يرعد ويبرق، وليس فيه شيء، دعني وما أنا عليه، فإنّي لم أر من محمد إلا وفاء وصدقا!!.

وتدخل اخرون فقالوا: إذا لم تنصروا محمدا كما يقضي الميثاق- فدعوه وعدوّه.

بيد أنّ حييا استطاع أن يقنع سائر اليهود بوجهة نظره، وأن يزيّن لهم الغدر

<<  <   >  >>