للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن سيرين قال: إنما ضلّ بنو إسرائيل بكتب ورثوها عن ابائهم.

ودخل علقمة والأسود على عبد الله بن مسعود، ومعهما صحيفة فيها حديث حسن، فقال عبد الله بن مسعود: يا جارية هاتي بطشت واسكبي فيه ماء، فجعل يمحوها بيده ويقول: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف: ٣] . فقالا له: انظر فيها حديثا عجيبا، فجعل يمحوها ويقول: إن هذه القلوب أوعية، فاشغلوها بالقران ولا تشغلوها بغيره- كانت الصحيفة تضم طرفا من علوم أهل الكتاب-.

وعن عامر الشعبي «١» عن قرظة بن كعب «٢» قال: خرجنا نريد العراق، فمشى معنا عمر إلى (صرار) ، ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشيت معنا تريد أن تشيّعنا وتكرمنا. فقال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دويّ بالقران كدويّ النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم، جوّدوا القران، وأقلّوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، امضوا وأنا شريككم. فلما قدم (قرظة) قالوا: حدثنا، قال: نهانا عمر بن الخطاب.

وعمر وعلي وغيرهما من الأئمة لا يجحدون السنة، ولكنهم يريدون إعطاء القران حظّه الأوفر من الحفاوة والإقبال. وذلك هو الترتيب الطبيعي فلا بد من معرفة القانون كله معرفة سليمة قبل الخوض في شروح وتفاصيل لبعض أجزائه، إذ إن هذه التفاصيل والشروح لا يحتاج إليها كل أحد، وربما شحنت الأذهان فلم تترك بها فراغا للأصول اللازمة والقواعد الهامة.

وخصوصا لأن الطريقة التي تروى بها الأحاديث تجمع في صعيد واحد ما صدر عن الرسول عليه الصلاة والسلام متناثرا في أمكنة شتى، وأزمنة شتى، وملابسات شتى.

عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: ألا يعجبك أبو هريرة؟! جاء يجلس إلى جانب حجرتي يحدّث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، يسمعنى وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي- أنهي صلاتي- ولو أدركته لرددت


(١) هو عامر بن شراحيل، أبو عمرو، أحد أعلام التابعين، أدرك خمسمئة من الصحابة، توفي سنة ثلاثمئة. انظر: الكاشف: ١/ ٥٢٢. (ن) .
(٢) هو قرظة بن كعب الأنصاري رضي الله عنه، صحابي، ولي الكوفة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر: الكاشف: ٢/ ١٣٦. (ن) .

<<  <   >  >>