وذكر تحت عنوان (باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو) : أن عمر بن الخطاب قسم مروطا بين نساء من نساء المدينة، فبقي مرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين! أعط هذا ابنة رسول الله عليه الصلاة والسلام التي عندك- يريدون أم كلثوم بنت علي- فقال عمر: أمّ سليط أحق (وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله عليه الصلاة والسلام) قال عمر: فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم (أحد) ، أي تخيطها.
وذكر تحت عنوان (باب مداواة النساء الجرحى في الغزو) ، عن الرّبيّع بنت معوّذ قالت: كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام نسقي، ونداوي الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة ... إلخ.
ولنفرض أنّ البخاري لم يرو هذه الأحاديث الصحيحة؛ أفكان حديث العمياوين يسلط على المجتمع، ويحجر به على النساء في دورهن فلا يخرجن من هذا السجن أبدا؟ إن حكما مثل هذا لا يعرف من القران؛ بل إن القران يجعل هذا الحكم عقوبة للنسوة اللاتي يرتكبن الفواحش.
لكنّ المسلمين لما استوعروا سبل التربية المهذّبة للذكور والإناث- بسبب انحرافهم عن القران- لجؤوا إلى السجن والقصر، فكان ما كان.
هجر المسلمون القران إلى الأحاديث.
ثم هجروا الأحاديث إلى أقوال الأئمة.
ثم هجروا أقوال الأئمة إلى أسلوب المقلّدين.
ثم هجروا المقلّدين وتزمّتهم إلى الجهّال وتخبّطهم.
وكان تطوّر الفكر الإسلامي على هذا النحو وبالا على الإسلام وأهله.
روى ابن عبد البر عن الضحاك بن مزاحم:«يأتي على الناس زمان يعلّق فيه المصحف حتى يعشش عليه العنكبوت، لا ينتفع بما فيه، وتكون أعمال الناس بالروايات والأحاديث» . وسبيل الرشد في هذه العماية أن نعود إلى القران، فنجعله دعامة حياتنا العقلية والروحية، فإذا وصلنا إلى درجة التشبّع منه، نظرنا في