للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أم مكتوم، فلما احتججن بأنه أعمى لا يراهما! قال لهما: «أفعمياوان أنتما؟!» «١» .

وقد استنكرت على الخطيب إيراده لهذا الحديث، فإن علماء السنّة تكلّموا في معناه، ومن الجهل بالسنّة تقريره عند بيان وظيفة المرأة، وأسلوب حياتها، وقواعد اتصالها بالمجتمع العام، ولم لا نذكر السنن التي رواها البخاري في ذلك، وهي أدق وأصح؟!.

أثبت البخاري تحت عنوان (باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال) ، عن أنس رضي الله عنه، قال: «لما كان يوم (أحد) انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم، وإنهما لمشمّرتان أرى خدم سوقهما، تنقلان القرب على متونهما- ظهورهما-، ثم تفرغانه- الماء- في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملأانها، ثم تجيئان فتفرغانها في أفواه القوم» .

وذكر تحت (باب غزوة المرأة في البحر) ... سمعت أنسا رضي الله عنه، يقول:

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على (ابنة ملحان) ، فاتكأ عندها، ثم ضحك. فقالت: لم تضحك يا رسول الله؟ فقال: «ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله، مثلهم مثل الملوك على الأسرّة» . فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. قال: «اللهم اجعلها منهم» ، ثم عاد فضحك، فقالت له: ممّ ذلك؟ فقال لها مثل ذلك. فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم! قال: «أنت من الأولين، ولست من الاخرين» . قال أنس: فتزوجت عبادة بن الصامت، فركبت البحر مع بنت قرظة، فلما قفلت ركبت دابتها، فوقعت بها فسقطت عنها فماتت.


(١) أخرجه أبو داود: ٢/ ١٨٣؛ والترمذي: ٤- ١٥؛ وابن سعد في الطبقات الكبرى: ٨/ ١٢٦، ١٢٨؛ والبيهقي: ٧- ٩١، من طريق الزهري، قال: حدثني نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمر بالحجاب، فقال صلى الله عليه وسلم: «احتجبا منه» فقلنا: يا رسول الله! أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟! فقال: «أفعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه؟!» . وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» . وقوى الحافظ إسناده في (الفتح) ، وفيه نظر؛ فإن نبهان هذا لم يوثقه غير ابن حبان، وهو معروف بتساهله في التوثيق كما بيّنه الحافظ نفسه في مقدمة (لسان الميزان) ، ولهذا نراه في (التقريب) لم يوثق نبهان هذا، بل قال فيه: «مقبول» ؛ أي: عند المتابعة «وليس له متابع على هذا الحديث» ، فكلامه يقتضي أن هذا الحديث غير مقبول. وقد قال ابن عبد البر: إنه ليس ممن يحتج بحديثه، وإن حديثه هذا منكر، كما نقله ابن التركماني في (الجوهر النقي) .

<<  <   >  >>