للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسارت العلاقة بين الدينين في مجراها الذي أبنّا عنه انفا، حتى تحولت إلى حرب طاحنة بين المسلمين والرومان.

وكانت النصرانية- مع تفوّق الرومان السياسي والعسكري- تسود شمال الجزيرة وجنوبها.

فرأى المسلمون- وهم في حرب مع دولة الروم- أن يحدّدوا موقفهم مع نصارى الجنوب، خصوصا وأنّ الروم كانوا يغدقون العطايا على مبشريهم هناك، ويبنون لهم الكنائس، ويبسطون عليهم الكرامات، ويشجّعونهم على المضي في تنصير القبائل المتوطنة بهذه الأرجاء.

فأرسل النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أهل (نجران) كتابا جاء فيه: «باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بعد: فإنّي أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ...

وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد.

فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد اذنتكم بحرب، والسّلام» «١» .

فأرسلت نجران- وهي كعبة النصرانية جنوبا- وفدها إلى المدينة ليقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتفاهم معه، ووافى الوفد المدينة بعد العصر ودخل المسجد.

فكان أول ما صنع أن اتجه إلى بيت المقدس يصلّي لله على ما تقضي به طقوس المسيحية، وأراد الناس منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوهم» «٢» ...

حتى انتهوا من عبادتهم ...

وراهم النبي صلى الله عليه وسلم قد لبسوا لملاقاته أردية الكهنوت الفاخرة، وتحلّوا بخواتم الذّهب، وجاؤوا يخبّون في الحرير، وتبدو لهم- بين القلانس والطيالس- سيماء التكلّف الشديد.

فأبى أن يتحدّث معهم، حتى يرجعوا إلى ملابس سفرهم، ويدعوا هذه الزينة «٣» .


(١) ضعيف، رواه البيهقي عن يونس بن بكير، عن سلمة بن يسوع، عن أبيه، عن جده. وهذا سند مجهول. سلمة هذا ومن فوقه لم أجد من ترجمهم، وأبو يسوع لم يورده الحافظ في (الكنى) من الصحابة. فالله أعلم. ثم رأيت ابن كثير قد ذكره في التفسير: ١/ ٣٦٩، ووقع فيه: «سلمة بن عبد يسوع» ، ولعلّه الصواب.
(٢) ضعيف، أخرجه ابن هشام: ٢/ ٤٦، عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال ... فذكره. وهذا مرسل أو معضل.
(٣) هذا من حديث عبد يسوع السابق.

<<  <   >  >>