للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) [الأحزاب] «١» .

فاثرن الله ورسوله والدار الاخرة ... وعشن مع النبيّ صلى الله عليه وسلم معينات على الحق، راغبات في الثواب.

وبهذا التفاني في خدمة الرسالة، والإهمال لمطالب النفس، رفع الله درجاتهن فلم يصبحن زوجات رجل يطلبن في ظلّه المتاع، بل صرن شريكات في حياة فاضلة غالية، واستحققن قول الله عز وجلّ: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ... [الأحزاب: ٦] .

وتوكيدا لهذه الأمومة الروحية شرع الحجاب الدقيق على أمهات المؤمنين، فلا يجوز لأحد من الأجانب أن يلتقي بهنّ ولو مع محرم.

وسؤالهن في شؤون الدين والدنيا إنما يكون من وراء الحجاب، كما لا يجوز لأحد- بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم- أن يتزوّج بإحداهنّ.

وبهذا التشريع الصارم قطع دابر الفضوليين والثقلاء، الذين يكثرون التردد على بيوت الزعماء، كما قطع دابر المتربصين منهم، الذي ينشدون الرفعة من وراء الاقتران بأولئك النساء، ولا نستغرب مثل هذا التشريع! فقد تأدّت الجرأة ببعض الناس أن يقول أحدهم: لو قبض النبيّ تزوجت عائشة! ومن حق النبي صلى الله عليه وسلم أن يصان شعوره، وأن يصدّ عنه وعن أهله أولئك الأعراب السفهاء.

ولم يعقّب الرسول صلى الله عليه وسلم من زوجاته أولئك ولدا.

أما بناته اللائي أعقبهنّ من خديجة فقد متن وهو حيّ، عدا فاطمة، فإنها بقيت بعده شهورا، ثم كانت أول أهله لحوقا به.

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية التي بعث بها المقوقس إليه بعد أن أسلمت، وحملت منه، ثم وضعت له ابنا أسماه إبراهيم، باسم جدّه أبي الأنبياء، ولم يعمّر طويلا، بل مات وهو رضيع.


(١) رواه مسلم: ٤/ ١٨٧؛ من حديث جابر، وهو والبخاري: ٨/ ٤٢٢، عن عائشة مختصرا.

<<  <   >  >>