للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولست بدعا في تلك الخطة التي اخترتها؛ فإن أغلب العلماء جرى على مثلها في مواجهة المرويات الضعيفة والصحيحة على سواء.

وقرّروا أن الحديث الضعيف يعمل به ما دام ملتئما مع الأصول العامة، والقواعد الجامعة.

وهذه الأصول والقواعد مستفادة- بداهة- من الكتاب والسنّة.

وعلى ضوء هذا النظر المنصف حكيت استشارة رسول الله عليه الصلاة والسلام للحباب في موقعة بدر- وإن وهّن المحدثون سندها- لأنها تدور في نطاق الفضائل التي أمر بها الله ورسوله، وليس في سوقها ما يحذر قط.

ذاك بالنسبة إلى الأحاديث الضعاف.

أما الصّحاح فإن في تفاوت دلالتها مجالا رحبا للترجيح والرد، كما يعلم الأستاذ المحدّث.

وما من إمام فقيه إلا وردّ بعض ما صحّ، إيثارا لما ظهر أنه أصحّ.

ومعاذ الله أن نشغب على السنّة، فهي الأصل الثاني للإسلام يقينا.

بيد أنني إذا تتبّعت السنن، فعرفت- أنها في جملتها- تتفق مع القران الكريم؛ في أنه لا حرب إلا بعد دعوة وإعذار، وتعريف مشرق، لا تبقى معه شائبة غموض، فكيف أقبل ما يوهم غير هذا؟!.

الله جلّ شأنه يأمر نبيّه في قرانه الكريم: قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩) [الأنبياء] .

بعد هذا الإعلام الذي يستوي في الإحاطة به الداعون والمدعوّون، وبعد أن سار النبيّ عليه الصلاة والسلام في مغازيه، وسار الخلفاء في معاركهم على هذا النحو من توضيح للدعوة، وإتاحة الفرصة للناس كي يقبلوا أو يرفضوا.

بعد هذا لا أرى أن يلزمني أحد بقبول ما رواه الشيخان عن عبد الله بن عون، قال: كتبت إلى نافع رحمه الله أسأله عن الدعاء قبل القتال، فكتب إليّ:

إنما كان ذلك في أول الإسلام! وقد أغار عليه الصلاة والسلام على بني المصطلق وهم غارّون، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية.

قال: حدّثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش.

<<  <   >  >>