للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من بعض المجانين (١).

الدليل الثاني: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ» (٢).

وجه الاستدلال: قال كلمة لو قالها معتقدًا لها لكفر لكنه عذر لأنَّه مدهوش فكذلك يعذر إذا طلق فلا يترتب على تلفظه بالطلاق حكم (٣).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال «قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ لَهُ» (٤).

وجه الاستدلال: قال هذا الرجل في حال غلب عليه الدهش بسبب خوفه كلامًا يكفر فلم يؤاخذ بكلامه فكذلك ما كان دون الكفر فلا يقع طلاقه إذا طلق (٥).

الدليل الرابع: في حديث عائشة في أول ما بدئ رسول الله من الوحي «جَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ [العلق: ١ - ٣] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ فَقَالَ «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»


(١) انظر: تفسير القرطبي (٩/ ١١٨)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٤٧٦).
(٢) رواه مسلم (٢٧٤٧).
(٣) انظر: إكمال المعلم (٧/ ٢٤٥)، وشرح النووي على مسلم (١٧/ ١١٢)، ومدارج السالكين (١/ ٢٣١)، وإعلام الموقعين (٣/ ٦٤)
(٤) رواه البخاري (٧٥٠٦)، ومسلم (٢٧٥٦).
(٥) انظر: طرح التثريب (٣/ ٢٦٧ - ٢٦٨).

<<  <   >  >>