للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: لو كان العقد ينفسخ بمجرد الإسلام لما جعل علي زوجها الكافر أحق بها.

٤: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا قول في غاية الضعف، فإنَّه خلاف المعلوم المتواتر من شريعة الإسلام، فإنَّه قد علم أنَّ المسلمين الذين دخلوا في الإسلام كان يسبق بعضهم بعضًا بالتكلم بالشهادتين، فتارة يسلم الرجل وتبقى المرأة مدة ثم تسلم، … وقد قدم عليه وفود العرب، وكانوا يسلمون، ثم يرجعون إلى أهليهم، فيسلم نساؤهم على أيديهم بعد إسلام أزواجهن، وبعث عليًا، ومعاذًا، وأبا موسى إلى اليمن، فأسلم على أيديهم من لا يحصيهم إلا الله من الرجال، والنساء، ومعلوم قطعًا أنَّ الرجل كان يأتيهم فيسلم قبل امرأته، والمرأة تأتيهم فتسلم قبل الرجل، ولم يقولوا لأحد: ليكن تلفظك وتلفظ امرأتك بالإسلام في آن واحد، لئلا ينفسخ النكاح (١).

٥: القول بانفساخ النكاح بمجرد الإسلام تنفير عن الإسلام وهذا خلاف مقصد الشارع الذي يرغب في الإسلام فجعل للزوج الكافر إذا أسلم الاختيار بين الزوجتين الأختين وتطليق من شاء إذا كان عنده أكثر من أربع من غير نظر إلى وقت العقد ولو وقع هذا من مسلم لم يجعل له الاختيار فيفارق الأخيرة (٢).

* تنبيه: نسب ابن حزم (٣) القول بانفساخ النكاح بالإسلام لعمر وجابر بن عبد الله، وابن عباس .

وهذه النسبة ليست صحيحة أمَّا عمر فيرى تخييرها وأمَّا ابن عباس فتقدم توجيه المنقول عنه وأمَّا ما نسبه لجابر فبناءً على ما فهمه من قول جابر «نِسَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ لَنَا حِلٌّ، وَنِسَاؤُنَا عَلَيْهِمْ حَرَامٌ» (٤) ولا يدل هذا على ما يذهب إليه فهذا


(١) انظر: أحكام أهل الذمة (١/ ٣٤٢٣٤٣).
(٢) انظر: أحكام أهل الذمة (١/ ٣٤٤).
(٣) انظر: المحلى (٧/ ٣١٢).
(٤) رواه عبد الرزاق (١٠٠٨٢) قال: أخبرنا ابن جريج، عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكره وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>