للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: لم يذكر الله رضا الزوجين ولا توكيلهما في الآية.

الثالث: لو كانا وكيلين لكانت الآية فليبعث وكيلًا من أهله ولتبعث وكيلًا من أهلها.

الرابع: الوكيل لا يسمى حكمًا لا في الشرع ولا في اللغة ولا العرف فهذا صرف للآية عن ظاهرها.

الخامس: خاطب الله ﷿ غير الزوجين بقوله تعالى: ﴿فَابْعَثُوا﴾ وكيف يصح أن يوكل عن الرجل والمرأة المكلفين غيرهما (١).

الدليل الثاني: عن عَبِيدة السلماني قال: «شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ حَكَمًا مِنَ النَّاسِ، وَهَؤُلَاءِ حَكَمًا، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَكَمَيْنِ: «أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا»، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ : «كَذَبْتَ، وَاللَّهِ لَا تَبْرَحُ حَتَّى تَرْضَى بِكِتَابِ اللَّهِ لَكَ وَعَلَيْكَ»، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِي وَعَلَيَّ».

وجه الاستدلال: قول علي كذبت والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك يدل على أنَّهما وكيلان فلو كانا حاكمين ينفذ حكمهما لما احتاج إلى إقرار الزوج فأوقفه علي حتى يوكل بالفرقة فدل على أنَّ الفرقة موقوفة على إقراره ورضاه (٢).

الرد من وجوه:

الأول: لو كانا وكيلين لم يقل لها: أتدريان ما عليكما؟ إنَّما يقول: أتدريان بما وكلتما.

الثاني: لا يخلو الأمر من أن يكون الطلاق متعينًا على الزوج فيصح إكراهه على التوكيل على الطلاق أو غير متعين فلا يصح طلاق المكره فلا عبرة بتوكيله.


(١) انظر: زاد المعاد (٥/ ١٩٠)، وتهذيب المسالك لنصرة مذهب مالك (٤/ ١٣٨).
(٢) انظر: الأم (٥/ ١١٦)، وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ٢٧١)، والحاوي (٩/ ٦٠٣)، وتفسير ابن كثير (١/ ٤٩٣).

<<  <   >  >>